|
أين ذراعك؟!
بقلم/ د.أشرف الكبسي
نشر منذ: 3 سنوات و شهر و 18 يوماً الأحد 03 أكتوبر-تشرين الأول 2021 10:34 م
في العاشرة من صباح ذلك اليوم، دخل إلى مكتبي، أحد الطلاب، سائلا السماح له بحضور الامتحانات، كونه محروماً منها بسبب انقطاعه وتغيبه عن المحاضرات طوال النصف الثاني من الفصل الدراسي.
نظرت إليه بتثاقل، وسألته بلكنة حادة لا تخلو من عتب ساخر: لماذا تغيبت؟ أين كنت؟!
ـ في الجبهة الحدودية، وتحديدا في الخوبة.
ـ وكيف كانت الجبهة؟!
ابتسم بثقة مطمئنة قائلا:
- سننتصر يا دكتور.
ـ حسنا، يمكنك دخول الامتحانات النظرية فقط.
عندها، مد يده بامتنان لمصافحتي، لكنها كانت يده اليسرى!
سألته مرتبكا وبدهشة لا تخلو من تلعثم: ماذا حدث يا بني؟ أين ذراعك اليمنى؟!
- تركتها هناك!
أجاب بهدوء، ولاذ بالصمت؛ لكنني قرأت في حيرة عينيه سؤالا تاليا، لم يرد في كل علم وألم المكتبات الأكاديمية:
- هل يمكنني أن أصبح مهندسا ناجحا بذراع واحدة يا دكتور؟!
- أنت يا بني أكبر بكثير من مجرد مهندس ناجح، وكل ممالكهم مبتورة القلب، تحيا فشلها تحت قدميك. إن كانت تنقصك ذراع، فهذا العالم ينقصه أنت!
في هذه الأثناء كانت الطائرة اللعينة تحلق في السماء، على علو منخفض، وكأنما تبحث عن شيء فقدته في الخوبة؛ ربما عن الذراع اليسرى لهذا البطل الشاب، "المهندس" الذي غادر مكتبي للتو!
* نقلا عن : لا ميديا |
|
|