في سياقِ الصراع الحثيث والمُستمرّ منذ ما يقارب الثماني سنوات؛ بهَدفِ احتلال اليمن وتطويع أبنائه وقراره السياسي ونهب مقدراته ومصادَرة أرضه وَبحره وَجوه، تعرّض تحالف العدوان على اليمن إلى عدد من الصَّفعات المؤلمة وَالتي تلاشى بموجبها حلمُه الخبيث وتضاءلت فُرَصُ تحقيقه.
وأولى الصفعات وأشدُّها أثراً في ترنُّحه وَإفقاده التوازن وَالتي هيأت لما بعدها، تمثل في ملحمةِ الصمود اليمني على ميدان المواجهة، وَفي تفاصيلها الكثيرُ من القصص التي سيرويها التاريخُ عن شعبٍ قاوم بالبندقية العُدةَ والعديدَ وَأحال التحدياتِ إلى فرص، وكيف تكامَلَ فيها عنصرَا القيادة والشعب ليشكّلا مركباً عجز العدوان عن تفكيك قواه وَفهم مفاعيله.
ومن ذلك الصمود انطلق الشعبُ بقيادته في خُطًى حثيثةٍ ومدروسة وَعزم غير مسبوق نحو مراكمة مجالات القوة، وما ظهر مؤخّراً على صعيد المجال العسكري النوعي والتقليدي في العروض العسكرية ليس إلَّا إيذانٌ بما ستتكفل ميادين المعارك بكشفه مستقبلاً، وفي بشائرِه ولادة بهية ليمن إقليمي ودولي قوي يعيد رسم مستقبل بوابة المندب والبحر الأحمر.
أما ثانيةُ الصفعات فتتمثلُ في واقع الأدوات التي راهن عليها التحالف، وما آلت إليه جحافلُها شرقاً وجنوباً وغرباً من تشتت وَانقسام واحتراب، واقعٌ لم تفلح المحاولاتُ في احتوائه وَلملمةِ فوضاه المتصاعدة، أظهر عجزُ التحالف رغم عزل هادي وَتشكيل مجلس قيادة عن توحيد أدواته.
لتأتي المتغيراتُ الدوليةُ صفعةً ثالثةً مضافةً إلى ما قبلها، وليجدَ العدوُّ نفسَه أمامَ كُـلّ ما سبق محاطاً بهواجسِ العزلة بدلاً عن مخطّطاته عزلَ اليمن، ونتيجةَ اضمحلال الورقة العسكرية وَتشتت الأدواتِ على الأرض والانشغال بالمِلفات الدولية الناشبة، كان خيارُه نحوَ الهُـدنة الأقلَّ ضرراً بين بقية الخيارات، وبما يمكنه من خلاله المراهنةُ وَالمناورة على ما بقي من أوراق كورقة الحصار والورقة الاقتصادية –الرواتب، إيرادات النفط والغاز، غير أنه وأمام هذا الاضمحلال وما بقي من أوراق تتفرَّغُ صنعاءُ لحصد النقاط وَمراكَمة أدوات القوة وتتسلَّحُ بنفَسٍ طويل وصبرٍ استراتيجي فاعل في خلخلة جدار الحصار، وما بقيَ من حيثياتٍ للنصر، قبلَ خوضِ المواجهة الفاصلة.