كما في سيرك كبير، هكذا وبدون مقدمات، انتقلت مملكة الشر السعودية من نظام معادٍ لكل القيم والمبادئ الإنسانية، ونظام عدواني شرير يقتل ويسفك الدماء ويدمر القيم وينخر العظام مع اللحم ولا يترك من ضحيته سوى الأرقام المخيفة، نظام شيطاني يسكن زمننا وحضارتنا وما برح يبث في أرواحنا لعنة الوهم... إلى كيان راعٍ للسلام!!

إننا أمام كرنفال إعلامي استعراضي ضخم، يواكبه جيش من المستشارين والدعائيين والمطبلين والصحفيين، من بائعي الأوهام الجميلة. نظام أدهش العالم، من مختلف الأجناس والألوان، باستضافته ومشاركته وجهوده ورعايته لتحقيق السلام في أوكرانيا! مبادرة إنسانية وهمّ إنساني؛ كما لو أن السعودية ليس لها "هَمّ" سوى تحقيق السلام في العالم! هكذا كرست إعلامها وأدواتها ومَن يدور في فلكها من أجل هذا "الهدف السامي"!!

نظام يَسخَر من ذاته، وينخر الشك في حقيقة ما يدعيه، ويكرس اليقين العدواني لكل حركة من حركاته السياسية والاقتصادية، ووراء كل تكتلاته العسكرية وعدوانه على الشعب اليمني وعلى كل مساحة حرة في الوطن العربي والإسلامي. السلام لا يتجزأ، أوليست كل الاعتداءات والحصارات هي من إنتاجه؟! وأيضاً حروبه بالوكالة هنا وهناك.

حديث السلام من نظام عدواني هو أقرب إلى الحديث الخرافي منه إلى حديث السلام؛ ذلك أن للسلام مفهوماً واضحاً وصريحاً، هو تسليم الشعوب بحقها في الحياه الحرة الكريمة على أراضيها، وما خلا هذه القاعدة الأساسية مما نشهده باسم السلام لا يتعدى كونه دعاية إعلامية لنظام وحشي غير إنساني، وإجراءات خارج دائرة السلام ومفهومه؛ لأنها تصب في قناة تشريع العدوان والاحتلال.

نظام يبادر ويسعى للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم وعادل ويدعم الجهود والمبادرات الرامية لتخفيف آثار الأزمة وتداعياتها الإنسانية في أوكرانيا، وهو في الوقت نفسه واللحظة يشن عدواناً ظالماً وغير إنساني على الشعب اليمني، يقصف ويجتاح ويحتل ويدمر ويقتل على مدار الساعة، ويريد أن يخدعنا بدعمه للسلام العالمي وبالطمأنينة الكاذبة والمغشوشة.

إننا في عمق المأساة، ولسنا على سطحها. إننا نسكن أسباب الموت، ولسنا عند أبوابه أبداً، وإن ملحمة الموت اليومي وليالي الرعب والحصارات الاقتصادية القاتلة هي مِن صُلب النظام السعودي المتوحش.

ولم يكتفِ النظام البربري المتوحش بتلك الأفعال غير الإنسانية، بل ويتعمد إيهام العالم بأنه نظام سلام وعدل، ويقرر أيضاً مصير السلام في العالم، وبصورة تعسفيه ومأساوية. نظام لم يترك مسحة واحدة من خيال الإنسانية إلا وحاول اقتحامها واحتلالها بأفكاره الظلامية المعادية للقيم والمبادئ الإنسانية، و"فاقد الشيء لا يعطيه".