لا يحتاج الإشكال والتعثر والركود الحاصل لمعجزة، مطلوب تقييم مدروس للوضع الراهن، رصد أسباب التعثر وتقييمها بشكل فني وواقعي، وضع خطة معالجة واقعية في حدود الإمكانيات المتاحة وليس مطلوبا غير ذلك، وأعتقد أن المتاح لو تم التوظيف بشكل صحيح يفي بالغرض.
مقلب مخلفات الأزرقين: لو كنا في بلد يتبنى نظرية الابتكار والإنجاز والرؤية، لكان مقلب الأزرقين موردا لتوليد الطاقة واستخراج المعادن والمواد الصالحة للتدوير بدلاً من تحويله إلى سلسلة جبلية تلوث الأراضي الزراعية وتؤذي المنطقة.
مخلفات الطعام: عشرات الأطنان يومياً وبقية المواد العضوية تتراكم كمخلفات، ما هو المانع من إنشاء معمل تمتلكه الدولة لفرز المواد، وإعادة تدويرها وتحويلها إلى أسمدة عضوية للاحتياج المحلي.
انتشال وإنقاذ مؤسسة الغزل والنسيج من مؤامرة محو ما تبقى من آثارها الشاهدة على سوء النظام السابق الذي رغم كل بشاعته ترك ما يُذكر اليمنيين بأنهُ كان هنا مصنع للغزل والنسيج، ويأتي اليوم من يملك الجرأة لفعل ما لم يُقدم الشيطان على المساس به، ويريد هدم البناء المتبقي والاستيلاء على أرض المصنع الذي تُشكل مطمعاً لهوامير الاستيلاء ولوبيات العلاقات غير الشرعية بين السياسة والإقطاع الرأسمالي الذي يمتهن الاستيلاء على أصول الدولة وتعطيلها ونقل ملكيتها للقطاع الخاص.
بنية تحتية يمتلكها البلد وتغطي الاحتياج المحلي وتكبح جماح الواردات الخارجية التي تستنزف العملة الأجنبية، وتوفر مئات الوظائف في كل وردية عمل.
كم حجم الاحتياج الذي سيتم تغطيته محلياً، ملبوسات واحتياجات المؤسستين العسكرية والأمنية، احتياج القطاع التربوي "الزي المدرسي"، احتياج القطاع الصحي وغيره الكثير، هناك سوق واسع والاستيراد يستنزف البلاد من العملة الأجنبية.
ضرورة الحفاظ على الأصول التي تمتلكها الدولة وتنميتها، فهي التي ستحقق الاكتفاء والنهضة الاقتصادية الحقيقية وترفد خزينة الدولة بالإيرادات. لن يزدهر الاقتصاد بدون بنية تحتية إنتاجية تمتلكها الدولة بالشكل الذي يجعل الأمن القومي الاقتصادي بيد الدولة.
مثلاً، مؤسسة "بنيان" بقيادتها النشطة بشكل إيجابي في جانب التوعية إلى جانب النشاط الخيري، لو تبنت "بنيان" فكرة الانتقال إلى مرحلة الخوض في معترك الإنشاء والتأهيل، لا أقصد دورات وورش عمل، بل الانتقال من النظري إلى المشاركة الحقيقية في البناء والتنفيذ والإدارة لمشروعات مصانع معامل إنتاجية تلبي وتغطي احتياجات السوق المحلية بالشكل الذي يحقق توازنا أمام احتكار وسطوة نفوذ الإقطاع التجاري الذي لا ينظر إلا لتحقيق الربحية ويفتقر الى الجودة.
ما هو المانع من التوقف بشكل جدي وإعداد الدراسة والتنفيذ لمشروع تدوير المخلفات بإنشاء معمل فرز وتدوير مخلفات البلاستيك، ومعمل للأسمدة العضوية من مخلفات الطعام وغيره، وغيرها من المشاريع.
إلى الآن لا يوجد في طول الساحل الغربي مصنع لتعليب الأسماك "التونة"، ما هو المانع؟ ولدينا ثروة سمكية مشجعة للاستثمار في هذا المجال، استثمار تنشئه وتمتلكه الدولة، أصول وطنية اقتصادية يمتلكها البلد وتعود بالإيرادات إلى الخزينة العامة وتوفر بذلك فرص العمل.
محاضرات للشهيد القائد (رضوان الله عليه) تحدث فيها عن أهمية الثروة السمكية كركن اقتصادي هام يساوي ويضاهي الثروة النفطية، كم ستحقق الدولة من عائدات لخزينة الدولة، لو تم ضبط ناهبي الثروة السمكية، وقامت الدولة بالتصدير بنفسها للخارج كم حجم العائدات التي ستعود للخزينة العامة؟
مثلاً، سعر الكيلو الجمبري (الجامبو) في الأسواق العالمية يتراوح بين 90 و100$، أغلى من برميل النفط، وليس فيه كلفة استخراج ولا.. ولا..
المطلوب مسؤولون صادقون ووطنيون لديهم استيعاب للاحتياج وموجهات سيد الثورة، ويريدون فعلاً خدمة البلد وإحداث تنمية وطنية والنهوض بالاقتصاد.
اتخاذ إجراءات صارمة لوقف قوارب وسفن النهب المحلية والخارجية للثروة السمكية وتنظيم مواسم الاصطياد بالشكل الذي يحافظ على حق الشعب والدولة من عائدات البحر.
كيف ينجح بعض المسؤولين في بناء إمبراطوريات تجارية ويفشلون في تحقيق المصلحة العامة للدولة؟ كيف ينجح القطاع الخاص في إدارة مشاريعه وتطويرها وتنميتها وتحقيق الأرباح، وفي الجانب العام يتم الإفلاس وإفشال مصالح الدولة.. لصالح من؟!
القطاع الخاص يدير عمله بحرص ولديه أهداف وغاية وإدارة تتحمل المسؤولية، بينما في قطاعات الدولة، فإن المسؤولين في القطاع العام، للأسف، لا يبالون، أهم شيء يصرفون ويراكمون مصالحهم الشخصية ولا على بالهم.
أليس لدينا وزارة للصناعة والتجارة، فأين هي؟! للأسف، لا وجود عملي لها، مجرد وجود شكلي، وعندما يضج الشارع من الأزمات يظهر مسؤولوها ليدشنوا حملات وقتية تحت مسمى "ضبط الأسعار"، لكن لا يتم شيء.
مؤخراً تم اتخاذ قرار منع التعاملات الربوية في البنوك، تمام شرع الله حالي، في السابق كانت مدخرات هيئة التأمينات والمعاشات ومؤسسة التأمينات وصندوق التقاعد العسكري والأمني نائمة على إيداع أموالها في البنوك، يكدسونها كودائع وينتظرون فوائدها، بينما كان بالإمكان استخدامها في إحداث قفزة تنموية ونهضة اقتصادية للبلد، وهكذا كانت تتم الأمور، فلماذا لا يتم توجيه هذه المليارات لبناء مصانع ومعامل وبنية تحتية إنتاجية للدولة، ومن أرباحها تكون عائدات للصناديق والجهات التأمينية ويتم توفير فرص عمل دائمة وتحقيق توازن اقتصادي للاحتياجات الاستهلاكية للسوق المحلية وكسر احتكار القطاع الخاص.
هل من الصواب ترك الاستثمار حكراً للقطاع الخاص، بينما الدولة تظل عالة على الشعب وتمتهن الجباية لتوفير الموارد المالية.
مثلاً، مشروع "تلال الريان" الكائن من عصر وليس عطان، مرتفع ضخم جداً ومساحة واسعة من الأرض تمنح عبر لوبيات الإقطاع والفساد المتحكمة ما قبل ثورة الـ21 من أيلول، ما هي الجدوى الاقتصادية والاستثمارية منه؟! بماذا استفادت الدولة؟! وما هو العائد للخزينة العامة؟! إن ما حصل هو استيلاء ونهب.
من الواجب التخلص من عقلية ونظرية أن دور هيئة الاستثمار هو التسهيل والترخيص للقطاع الخاص للنهب والاستيلاء على مقدرات الدولة وثرواته.. ما هو المانع لو توجهت هيئة الاستثمار وأعدت دراسات جدوى لبناء استثمارات تمتلكها الدولة، خصوصاً في جانب الثروات الطبيعية ويتم إيقاف صرف أراض باسم الاستثمار للقطاع الخاص.
انحصار دور هيئة الاستثمار على مجرد منح الإعفاءات طويلة الأمد والأراضي للوبيات الفساد الاقتصادي وتحالفات رأس المال، جريمة تقتل تطلعات وطموحات الشارع من الثورة.. لماذا لا يتم فتح ملفات الاستثمارات الوهمية ما قبل الثورة وإعادة التقييم بصدق وانطلاقاً من حفظ مصالح الدولة والبت فيها وفق قاعدة "مصلحة البلد أولاً"؟!
من المؤسف أن تمنح رخص استثمار للقطاع الخاص للثراء من الثروات الطبيعية للبلد، والتي يفترض أنها تكون من يحقق الإيرادات لخزينة الدولة كمصانع الأسمنت و.. و.. و.. إلخ.
ولكي لا يتم شيطنة كلامي عن القطاع الخاص، فمن حق القطاع الخاص أن يعمل، لكن بالشكل الصحيح والمنظم، وفي الحقيقة ما هي منجزات القطاع الخاص؟! لا شيء، مصنع بفك، تعبئة زيوت غير صالحة للاستخدام الآدمي، والمتبقي عبارة عن توكيلات لسلع مستوردة، المجال مفتوح للقطاع الخاص، لكن يجب ألا يكون على حساب مصلحة البلد وحق الشعب.
ولا ننسى أن هناك بيوتا تجارية من الممكن أن تتشارك في نهضة اقتصادية بشراكة قانونية تحفظ حق الدولة وتحقق التنمية والجدوى الاستثمارية والاقتصادية، وتوجد فرص عمل وإيرادات لخزينة الدولة على المدى البعيد.
* نقلا عن : لا ميديا