لم نتمكن بعد ككتاب وإعلاميين ومثقفين من الإلمام بكل ما في واقعنا من قضايا وأحداث، وأفراح وأتراح، وإيجابيات وسلبيات، ومصالح ومفاسد، وقيم ونقائص، فلكم أغفلنا الحديث عن الجوانب المظلمة في تاريخنا القديم والحديث، وحياتنا اليومية، ظناً منا أن مجرد الالتفات إلى تلك الجوانب مضيعة للوقت، وبالتالي فنحن معنيون أن نجمل القبيح، ونبرر الفشل، ونتغنى بالأوهام والشطحات. نسكر بزبيبة احتوتها خطابات الساسة، ونعيش الأماني الكِذاب في ليالٍ من الوهم لغدنا المنشود، الذي لم يأتِ بعد، والراجح أنه لا ولن يأتي حتى ولو بعد مائة سنةٍ من اليوم.
لقد شاختْ أقلامنا قبل أن تبلغ أشدها، وماتت أحلامنا وأمانينا وآمالنا بغدٍ أفضل قبل أن ترى النور، وعدنا أدراجنا مثقلين بالآلام والأحزان والمتاعب والمآسي، نجر أذيال الخيبة، ونتجرع كؤوس الغبن، ونتابع إطلاق زفرات وآهات وحسرات الندم على ما فات من جحيم العمر، مهيئين أنفسنا ومجتمعاتنا لاستقبال عذابات وكوارث ونكبات وصدمات جديدة، سيجيء بها إلى واقعنا، ويلقي بها فوق رؤوسنا أثوارٌ عدوا أنفسهم عن طريق الخطأ ثواراً، وعبيدٌ اعتقدوا على حين غفلة من الأحرار الخلص أنهم نور الوجود ومحور التكوين.
يا لنا من مساكين، محاطين بالحمقى، ومعجونين بالغباء، محكومين بالجهل، مذعنين لكل ما يدفع بنا نحو الضياع والتلاشي وانعدام الوزن، ويسوقنا سوقاً باتجاه الفناء والعدمية!
يا أعزائي؛ فتشوا عن الكم الهائل من دماء ومدامع غُض عنها الطرف سياسياً وإعلامياً واجتماعياً وثقافياً على الرغم من كثرتها واتساع دوائرها، ابحثوا عن حقيقة المجتمع وما يعانيه من أمراض في دور الأحداث، ولا تخدعنكم مكبرات الصوت الصداحة صباحَ مساءَ بالذكر والتسبيح من دور العبادات، فالحقيقة التي لانزال نجهلها هي أن الإيمان والحكمة ثوبان لايزالان أكبر من مقاسنا بكثير.
* نقلا عن :
لا ميديا