إن تبني سيد الثورة للمواقف العظيمة، وحرصه حفظه الله ورعاه على اتخاذ الخطوات الجريئة والمتقدمة جداً نصرةً لغزة الباسلة الصامدة المضحية وكل فلسطين، وفي زمنٍ كثر فيه الهرج والمرج، وضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى معظم العرب والمسلمين، بل معظم بني البشر، وانعدم الشعور والإحساس بمعنى الانتماء، أياً كان هذا الانتماء، ووجود وكلاء وأدوات وأحذية وعبيد مملوكين للكيان الصهيوني اليهودي اللقيط، وأمريكا الشيطان الأكبر، وكثرة المخاطر والتحديات والإشكالات والمشكلات التي تتهددنا من الداخل القاصر المقصر أو العاثر المتعثر المزري أو المتربص المرائي المتقلب الألوان والمزاج والتوجه بحسب تقلبات الطقس والمناخ أو الكامن المنافق المتحين للفرصة المناسبة حتى ينقض علينا، ويقضي على الثورة والثوار، إن هذه المواقف، وهذه الخطوات، وهذا الحضور والتواجد، وهذا الانخراط الكلي المعلن في معركة طوفان الأقصى؛ ليس هرباً من الواقع بكل ما فيه، وليس محاولة لكسب المزيد من التأييد الشعبي، أو استقطاب الجماهير المتعاطفة مع فلسطين على امتداد العالم الإسلامي، أو رغبةً في إثبات الوجود، وتأكيد الذات، واستعراض البأس والقوة التي بتنا نمتلك مقوماتها، لا؛ وإنما جاءت جميعها منضبطةً بضابط الإيمان بالله، ومترجمةً لمعنى الاستجابة لتوجيهاته سبحانه، وامتثال أوامره التي تضمنها كتابه العزيز، وتأكيداً لمقتضيات الانتماء للدين والأرض والأمة والإنسانية.
وهناك حقيقةٌ قرآنية لطالما تحدث عنها الشهيد القائد حسين الجرف، رضوان الله عليه في سلسلة دروس من هدي القرآن الكريم، وحث على ضرورة الانتباه إليها سيد الثورة سدده الله، والعمل بمقتضياتها، باعتبارها سنة من السنن الإلهية التي تحكم الوجود، وتتحكم بتاريخ الأمم والمجتمعات عبر الزمن، ومنذ آدم عليه السلام، حتى قيام الساعة، وهي أنه متى ما ساد الباطل والفساد، وعم الشر والبغي، واستشرى الظلم والطغيان على الحياة كلها، واشتدت قبضة الطغاة والمستكبرين على الناس، وباتوا يتحكمون في كل شيء يتعلق بوجودهم ومصيرهم، ولم يعد للحق صولة ولا جولة ولا منبر ولا دولة، وأصبح أهل الحق بين خانع ذليل، أو منافق عميل، أو عاجز تافه ورخيص، أعماه الجهل، واستعبدته البطن وما حوت، فهو يسعى ليل نهار لإشباعها وما حولها، هنالك فقط يأتي الاستبدال الإلهي للمؤمنين الضعفاء الخانعين بآخرين يحبهم، ويحبونه، يتوقون للقتال في سبيله، لا يقعدهم خوف، ولا يرجع بهم لوم اللائمين عن هذا النهج والمسلك.
إن حالة الارتداد الجماعي التي تعيشها معظم شعوب وحكومات الأمة الإسلامية في ظل معركة طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني الأمريكي على غزة، تحت تأثير الخوف والطمع هي الفرصة التي يجب على المؤمنين اغتنامها، وذلك في ما يقدمون عليه من مواقف وخطوات وأفعال يثبتون من خلالها جدارتهم بنيل شرف الاستخلاف الإلهي لهم، بدلاً عن الخانعين والأذلاء والمنافقين والراقصين نشوةً وطرباً على أشلاء نساء وأطفال غزة، والمنشغلين بمهرجان الكلاب ومستضعفو فلسطين ينادون؛ وا إسلاماه، وا عروبتاه. وعليه فنحن نسعى لنيل هذا الشرف والتكريم الإلهي.
* نقلا عن : لا ميديا