ذكرى استشهاد الشهيد القائد (رضي الله عنه) هي دعوةٌ للبعث، كونها تكتنز بين طياتها كل العوامل التي تجعل منها محطةً تربوية وفكرية واجتماعية وسياسية وغير ذلك الكثير.
لذلك؛ علينا التعامل معها باعتبارها بوابةً للدخول إلى مقام الشهيد القائد، وسبيلاً لمعرفة مشروعه، والامتزاج والتماهي مع فكره وروحيته، والعمل على نقد ومراجعة وتقييم كل المراحل التي قطعناها في رحاب المشروع والثورة، لكي تصبح كل أعمالنا وأقوالنا ومواقفنا واتجاهاتنا معبرة أصدق تعبير عن روح الإيمان ومعناه وآفاقه وحركته، فالقرآن الذي انبنت عليه ثقافتنا ورؤيتنا للوجود؛ ليس فكراً مجرداً، بل هو منظومة شاملة لبناء وإعمار الأرض كلها، وقبل ذلك هو مادة لمعرفة النفس البشرية، وبيان سبل إصلاحها، ومزالق فسادها، وعوامل قوتها وضعفها وصعودها وسقوطها.
وهنا لا بأس من التوجه لمسؤولينا بالنصح والتذكير، ومن وحي هذه المحطة والذكرى الأليمة والعظيمة في الوقت ذاته، ولا سيما وهم يتسابقون على المنابر بالحديث عن الفاجعة وحسينها، ويتنافسون في عقد الندوات، وإقامة الفعاليات، وهذا ديدنهم على مدار العام مع كل ذكرى ومناسبة دينية ووطنية، وكل مؤسسة أو وزارة تريد أو يريد لها القائم عليها أن يكون لها بصمة في هذه الذكرى أو تلك، لذلك نقول لهم: إن هذا المشروع القرآني لا يحتاج مني كمسؤول أو سياسي أن أتحدث إلى الناس عنه، وأريهم مدى سعة علمي وإحاطتي بجميع سبله ومفاهيمه ومبادئه، وإنما يحتاج مني ويفرض عليّ أن أجعل من ميدان عملي، وساحة تحملي للمسؤولية أياً كانت؛ شاهداً حياً حاضراً على مدى استجابتي لله ولرسوله وأعلام دينه، فذاك هو المظهر الحقيقي لالتزامي بالمنهاج، والدليل القوي والبرهان الواضح على صدق انتمائي للحركة والمشروع المباركين.
مسؤولينا الكرام: إن الاستجابة لله ورسوله وأوليائه لا تصدق إلا على مَن يهب الحياة والناس من حوله من جهده وفكره وروحيته ومواقفه وسلوكياته وأساليبه الإدارية وغيرها كل ما يحتاجانه من بناء وتغيير وتفاعل وحركة ونمو وإصلاح ووعي وصعود ونضج وتكامل ونهوض، بحيث يلمس الناس عظمة هذا القرآن وهو يعطيهم من واقع الفعل والتجربة المفاهيم الواسعة الشاملة التي تفتح آفاقهم على الكون كله.
وأخيراً؛ عليّ كفرد يصرح بأنه جزء من حركة هذه المسيرة، وأحد حملة فكرها ومشروعها، أن أحسب حسابي قبل أن أتحدث للناس عن هذا المشروع، وأرى هل أنا فعلاً جدير بشرف الانتماء إليه؟! كون هذا المشروع القرآني سيلعنني كمسؤول وكمنتمٍ إليه؛ إذا لم أجعل من واقع المجتمع كله ساحةً لمفاهيمه وأفكاره، ومقاماً عملياً له، فبه أنطلق في حركتي وتجربتي في حمل المسؤولية، وعنه تحكي كل خطواتي وقراراتي وطريقة تعاملي مع الناس وأسلوبي في حل مشكلاتهم وحفظ نفوسهم وحقوقهم والقيام بواجب الخدمة لهم. فلنتقِ الله، ولنحذر من بواعث سخطه، وموجبات استحقاقنا للعنته ولعنة المشروع القرآني والناس.
* نقلا عن : لا ميديا