ذهب “الغفوري” إلى هناك، و”تألمن”، أو هكذا ظن!
حمل بقاياه ومشرطه، وزرع نفسه في معدة مهاجر من أصول تركية، وقرأ لـ”هيلين” الكثير من الكتب عن المتلازمات والسندرومات والديماغوجيا، بما يكفي ليقابل نيتشه وحميد الأحمر...!
ثم أصلح عويناته على الطريقة الجرمنية، وكأي مثقف نازي قرر أن يحدث ندبة في وجه الصحراء. كتب: “كان علي ابن أبي طالب أول حاكم في الإسلام تنصبه جماعة مسلحة”!
لم يكتف “الفوهرر” بهذا “الكشف العلمي”، كما يسميه، وكأنّ التفاهة تصبح علما لمجرد صدورها عن طبيب كاره يحمل مصطلحات ضغينته الشخصية ويبحث في بواسير التاريخ عن أي شيء وكل شيء يشفي به غليله المريض، وإن كلفه الأمر قتل التاريخ نفسه!
لا يقرأ التاريخ، إنه يكتب للحاضر وصفة تاريخه المريض!
في كتاباته الأخيرة، يلتقط هزيل بعض المرويات، وينتقي ما شاء من قصاصات النصوص وسرديات اللصوص، ويدعوك إلى العودة 1400 عام لرؤية الكشف المرواني العظيم: مقلوب مسرح الأحداث والشخصيات، وتمام معكوس الحق والباطل، ثم ينظر في عينيك بوقاحة ابن ملجم وكل القتلة والطغاة والأفاكين، قائلا بلكنة بغاء تاريخي فاضح: “ذاك هو (علي) السلطوي المأزوم، في الجمل وصفين، يتحالف مع الشيطان، ويقود المرتزقة، ويقتل عثمان، ويهدم إمبراطورية الإسلام”!
هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها أحدهم بـ”شقلبة” تاريخ الإسلام، فقد سبقت المحاولات لتصوير أبي جهل وكفار قريش بالأبطال المظلومين، ومحمد ومن معه بالشريرين!!
والسؤال: لماذا يكتب الصغير الغفوري عن “علي” الكبير؟!
هل شعر بالإهمال الوجودي في إحدى ضواحي ميركل الريفية، وقرر، على طريقة الفأر الذي حاول هدم سد مأرب، أن يثير بعض الجلبة في كوكب علي؟! للفئران منطقها!
يمكنك لفت الأنظار بأكثر من طريقة سيئة؛ لكن التضخم الواهم يتسبب في اهتراء الغائية حد تآكل “الغين”، ما يجعلك تبدو مجرد “فوري”!
من نافذة الجحيم، يحدق أبو جهل، في كل جهل، ويغمغم أحيانا بالألمانية: من خلف ما مات!
* نقلا عن : لا ميديا