لدى الحاصلين على مودمات 4g من الناشطين عبر شبكات التواصل الاجتماعي كهدايا من قبل بعض الجهات أو الشخصيات، حساسيةٌ مفرطةٌ تجاه مَن ينطلقون للإضاءة على ما يورده سيد الثورة يحفظه الله، في خطاباته، من توجيهات للارتقاء بالجانب العملي على مستوى الأداء والانضباط، أو تقييم الواقع الحكومي والوضع الداخلي، أو تشخيص بعض العلل والأمراض التي قد تطرأ على نفوس العاملين أو تتهدد المجتمع عموماً، إلى الحد الذي جعل أولئك الناشطين يتجهون لمحاربة كل صوتٍ ينطلق لتعميم ما بيّنه السيد القائد، أو تدعيمه بشواهد مما نعيشه ونلمسه على مدار الساعة، ولاسيما تلك الأمثلة الشارحة لحقيقة الوضع المزري؛ فتارةً يصفونهم بالحاقدين، ومرةً بالمنافقين المغرضين المرجفين، وأخرى بالمأزومين ومرضى النفوس، وعديمي الوعي، وناقصي الفهم، مضيفين إلى كل ما سبق: تهمة تحريف كلام السيد القائد إليهم، سواءً على مستوى اللفظ أم المعنى، واجتزاء العبارات أو الجمل من سياقها، لتوظيفها بما يخدم أهدافهم، ويدعم نوازعهم الشريرة... وكل هذا لا أساس له من حيث الأصل، وإنما هي عبارةٌ عن آثار لاندفاعة بعض العاجزين والسلبيين في الدفاع عن مواقعهم، والحفاظ على مناصبهم، ولن يتم لهم ما يريدون إلا متى ما تمكنوا من إبقاء الوضع على ما هو عليه، وحالوا دون العمل على إصلاحه وتصحيح مساره ومنحه إمكانات التقدم ومقومات النهوض التي يحتاجها، لذلك لا بد من تسخير كل ما لديهم لخلق قناعة مفادها: أن الوضع القائم هو نموذج للمدينة الفاضلة التي ظل الإنسان يحن إليها ويتخيلها عبر التاريخ، وصورة مصغرة لجنة الله على هذه الدنيا!
إن علينا اليوم أن نعي أن واقع المرحلة لم يعد قادراً على احتمال المزيد من الأخطاء أو السلبيات أو الاختلالات، الأمر الذي يحتم على الجميع السعي لتصحيح أخطائهم، واكتشاف الجوانب السلبية التي صاحبت حركتهم العملية، وإدراك موضع النقص ونقطة الخلل في كل مقامات ومواطن التحمل للمسؤولية، لكي نتمكن من تجاوز كل الصعوبات في طريقنا لبلوغ شاطئ النجاة، ونستطيع تحقيق كل ما صاغه دم التضحية من آمال وتطلعات. ولنتقِ الله أولاً وأخيراً في ما نقول ونكتب؛ لأن القضية ليست قضية شخص أو حزب، فنتعصب لهما في الحق والباطل، ونقف معهما في الخير والشر، وإنما هي قضية أمة، في ما يتعلق بدينها ورسالتها ووجودها ومصيرها، فلنبتعد عن المجاملات، ولنجانب المحاباة والعصبية كيفما اتفق للأشخاص. وما دمنا نتحسس من ذكر معايبنا وأخطائنا من قبل الآخرين، فلماذا لا نعمل نحن على كشفها، وبالتالي نتفادى الوقوع فيها مجدداً، فنصلح أنفسنا بموجب التقوى؟! ولن نضطر بعدها لخوض معارك كلامية لا تنتهي، والغرق في متاهات الجدل العقيم بلا فائدة.
إن حق سبيل الله على العاملين فيه هو: الحفاظ على عهدهم مع الله، بصدق وإخلاص ويقين والتزام، فلا يغيرون مسارهم، ولا يبدلون نهج مَن سبقوهم إلى مقام الملكوت شهداء، ولا يدعون الأنانية والمطامع الشخصية والشهوات تسيطر على نفسياتهم، فتتجه بهم نحو الانحراف، وتسلك بهم سبل الضلال والغواية. فليكن الصدق مع الله هو الميزان الذي نزن به جميع الأقوال والأفعال، لنرى هل قد بتنا فعلاً نعيش طهارة الفكر، وسمو النفس، وصدق العاطفة المعبرة عن مدى الإيمان بالله، أم لا نزال في بداية الطريق؟
* نقلا عن : لا ميديا