لوذي أيتها النفس بحطام آمالٍ نسفها الواقع بمخرجاته التي لم تترك شيئاً إلا أتت عليه، تماماً كما تفعل الأعاصير المدمرة، ثم ماذا؟ لربما صحونا ذات يوم على واقعٍ أفضل، واقعٍ لا يد للوضع المزري في رسم تفاصيله، وتحديد منطلقاته، واقعٍ يُعملُ فيه بما يتفق ومبادئ النهج، وتتطلبه مفاهيم الإيمان، وتمليه قيم الشهادة والتضحية في سبيل الله، واقعٍ يتحرك صناعه على بينةٍ من أمرهم، فلا ينحرفون من حيث يريدون الاستقامة، ولا ينقلبون على أعقابهم في المواضع التي تحتاج منهم إلى مضاعفة الجهود في تعزيز الثبات وتأكيد الصبر بأبعاده العملية، واقعٍ كل شيءٍ فيه يتحرك في الفضاء الطلق، دون أن تتدخل للحد من آفاقه سقيفةٌ هنا، أو تعترض طريقه شخصيةٌ لا عهد لها بالدين والإنسان والخير والشر وكل معاني وصور ومظاهر الحق والباطل إلا باعتبارها سلعا تجارية يجب كسب أكبر قدر من الأرباح من وراء الاتجار بها هناك.
أدري أن هذا الواقع غير ممكنٍ الآن، ولكنه بالطبع ليس مستحيلاً، وما نحتاجه للوصول إليه هو التالي:
* التخلص من كل الشخصيات التي أثبتت عجزها وفشلها في القيام بأي شيء، طوال ثماني سنوات، والحرص على اختيار البديل عنها في مواقع المسؤولية بدقة ووعي وعناية، حتى لا يتكرر اللدغ من جحرٍ مرتين.
* العمل على تعريف العاملين في كل الجهات بالحق لا كمفاهيم عقلية مجردة، وإنما كمفاهيم عقلية ذات أبعاد عملية، متصلة بواقع الناس، وداخلة في صلب حياتهم اليومية، لأنه ما أكثر مَن يفهمون الحق نظرياً، ويستطيعون أن يفهموا سواهم، لكنهم يظلون صفراً في التزامهم بما علموه عملياً، وهنا هي الكارثة التي عانى ويعاني منها المسلمون عبر تاريخهم إلى يومنا هذا.
* إزاحة السفهاء والمعقدين والمرضى والمغرورين ومحدودي النظرة من ساحة العمل التعبوي والتثقيفي، فهم وراء تصاعد شعبية الباطل، وتراجع وتضاؤل شعبية الحق، لكونهم صادين عن سبيل الله، لا داعين إليه، ولتكن بداية الإزاحة لكبيرهم الذي علمهم الصد، بسلوكه وفكره ولسانه، ولا أرى هنا من داعٍ لذكره بالاسم، إذ بات معلوماً للجميع بصفاته، ولو سألت: مَن هو حجوري المسيرة؟ لأجابك المجاهدون عن آخرهم: فلان الفلاني، دون ما شك أو تردد أو خلاف.
* نقلا عن : لا ميديا