لا تنثر الملح فوق
الجرح يا ـ أبتاه ـ
كفى
لا تزرع الشّوك بدربي
وتبيع أغلى أمنياتي
بالجفا
يا عابرا في خندق الكِبر
كفاك أن تكسر قلبي
كفى…
نعم .. كفى كلّ أب متعنت متعجرف أن يرفض زواج ابنته التي خالفته في أمنياتها فاختارت أن تقترن برجل من رجال الله مرابط في جبهات الشرف فيرفض والدها ذلك، لا لعيب في ذاك الليث سوى أنّه من أنصار الله ،ليفهم ذلك المتعجرف كلمة : حين يؤثرك ذاك المرابط على نفسه ليحفظ وطنك وأنت كقواعد النساء في بيتك لأكبر مايذيب جليد حقدك عليه هذا الحقد غير المبرر سوى أنّ تربيتك قامت على العقد المذهبيّة ،وهذا الحقد قد أعطيته لنفسك فجعلت تكسر قلب رجل من رجال الله يصون حرمات هذا الوطن دون أن ينطق بكلمة عتاب او انتقاص منك ،
ياهذا الذي ما أدّبك الدهر فلازلتَ المتكبر القاسي المتعجرف الغرور على فلذة كبدك ( ابنتك ) حين ترفض لها منحة الاقتران برجل ..
نعم .. رجل ،وكل مرابط في سبيل الله رجل، ومادونهم فالله أعلم ،
فارفض واحقد بل واستمر في حقدك على رجال الله، فو الله إنّهم الأطهر ،والأنقى ،والأصدق ،والأنبل، والأكرم ،والأوفى ، والأسمى من حملة شهادات العليا والوسطى والدنيا ؛ ولتعلم أن ليس رجولة الرجل بشهاداته، فكم من خائن وحاقد في شكل رجل وهو ديوث أخرق وأغبى من دابة كل همها أن تأكل وتشرب دون قيمة محددة لها ،وهو يحمل شهادة ( بكالوريوس ) ،ولكنّ شهادته لم تساعده في أن يتحرّر من حبّ المال حبّا جمّا ،فالمال أمه ،وأبوه، وصاحبته ، وأخوه ، فتراه يلهث وراء الدنيا في كلّ حالاته لا قناعة ولا شعور برضى ،فإن اختير غيره لمنصب سخط، وطالت لسانه كلّ أنصار الله ، وصبّ جام حقده عليهم ،وقدح فيهم بالتّدليس ،وإن نال نصيبا من مال ومنصب فهو يزداد نقمة عليهم كأنّ اللؤم والخبث مطبوع على فؤاده اللاهث وراء دنيا الفناء لا يهمه أن يمنح ابنته وسام أن تستظل تحت جناح صقر شامخ يحميها من كلّ غربان الكون ؛ فقد صان ذلك ( المرابط في سبيل الله ) وطنا لأجل الجميع فكيف لا يصون من ستكون مستقره ، ومستودعه ،وشريكة عمره لو نظّف أبوها نظارته من غبار المادة وحبّ المنصب وبرّر أنّ ذاك من رجال الله لا شهادة علمية عليا يحمل ،لكنّه حمل قضيّة وطن كامل ،فإن كانت البكالوريوس ورقة ،فرجولة رجال الله دمّ وجرح وفداء وإيثار وصدق وانتصار..
لأعود وأسأل ذلك الأب : ماذا تفعل الشّهادة في قلب مريض بخيل جاحد لا جميلة له سوى نكران أقرب الناس له ونكران رغبة قلب يعشق رجال الله بصدق عهدهم ،وتضحياتهم وجلال مكانهم عند الله، فهل تستطيع شهادة علميّة أن تخرجك من زاوية الحقد الأعمى على رجال الله إلى رحابة معاني رجولة استطاعت قهر أعتى سلاح الكون المعتدي على اليمن ؟!
وهل استطاعت شهادتك أن تنتصر على الحقد في قلبك؛ فتنظفه بالماء ،والثلج ،والبرد ليصبح نظيفا راقيا يليق به أن تصافح يده يدا تصافح البندقيّة والرّشّاش والآربيجي والباليستي ،يد رجل حقيقي لم يستخدم مرطبات مهنّد ، ولم يسرّح شعره كتامر حسني ، ولم يحتس نخبة ارتزاقه فيشرب الخمر ويراقص عاهرة في فنادق الارتزاق كالمنافقين ،ولعلّ أولئك وأذيالهم من التّكفيريين من يتمنى ذلك الأب أن يزوّج ابنته لأحدهم مفضّلا إيّاهم على من يدافعون عنه وهو في بيته ينعم بالأمن والأمان ..
وكم من الوقت تحتاج لتنظيف قلبك من براثين العقد والحقد على أنصار الله لتتسامى وترى رجال الله على أنّهم خيرة شباب المعمورة وليس فقط خيرة شباب اليمن ، وكيف وأين وأنّى لك يا ـ الأعوج، متبلّد المشاعر ـ أن تصل لمستوى ورهافة حس ابنتك التي تفضّل رجلا من رجال الله، ولكنّك تكسر قلبها كسرة لن يكسرها الزمن بعدها ، ولن تكون مثلها كسرة .
فهل مازلت تسمّى أبا ،وأنت حجر عثرة في سبيل سعادتها ،
هل لا زلت أباً وأنت تكسر قلب ابنة طاهرة، نقية ،عفيفة مصون ، لم تحلم يوما بأن يشبه فارس أحلامها شاروخان ،ولم تتابع أفلام ومسلسلات مكسيكيّة ، وهندية ،وكورية ،وتركية ،لتتأثر بها وتعشق وتحب وتراسل وتدخل في متاهات وقصص حبّ دخلتها بنات باسم الحبّ في مثل سنّها؛ لتكون ابنتك أنموذجا يقتفي فاطمة الزهراء، وخديجة بنت خويلد ،ومريم بنت عمران ،وزينب بنت عليّ،ولعلّها أقرب إلى آسيا بنت مزاحم مع اختلاف أنّ فرعونها هو أبوها ( أنتَ) ،وهو كاسر جناحها برفضه رجل تحبّه ذرات رمال الأرض وتعشقه أشعة نجوم السماء ،و ينافسه البدر في منتصف الشهر، وتهاب منه ليوث العرين ، ويتشرف به الشرف ،ويطهر معه الطهر ، ويسمو إليه السّمو ، ليس لأنه يحمل شهادة من جامعة صنعاء أو القاهرة أو …أو…إلخ
بل لأنّه يحمل شهادة قرآن يمشي على الأرض في سلوكه وأخلاقه ،ورجولته ،وفهمه معنى وطن يحتاج إليه في شدّته، ليس مثلك الحاقد يطلبك وطنك فتساومه على منصب أو مال، وتجعل ركيزة رضاك عن رجال الله ليس رجولتهم وتضحياتهم بل بما يمكن أن يضعوك في منصب (وحتّى)، فلا زلت تحمل شهادات في بصيرتك العمياء من اللؤم والغيظ والحقد على رجال الله وإن نلتَ منصبا ؛ فقد صدق فيك قول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا ..
والسلام