لقد أصبح الانحياز إلى صف العدوان الغاشم على بلادنا من قبِل القنوات التي تحاول تقديم نفسها كقنوات محايدة أو تحاول أن تطبع عملها بالطابع المهني، ظاهراً أكثر من ذي قبل، حتى وإن قامت تلك القنوات باستضافة شخص من الطرف المعتدي وآخر من الطرف المعتدى عليه، فإن ذلك لا يعني بأي حالٍ من الأحوال أن يعطى ممثل الطرف المعتدى عليه نفس المساحة الزمنية التي تعطى لممثل الطرف المجرم والمعتدي، كما لا يعطى الأول الحرية المطلقة باختيار ألفاظه وتعبيراته بما يتناسب مع طبيعة الأسلوب الذي يقتضيه الرد الطبيعي على ما يتبناه ويتحدث به الطرف الثاني، فلممثل للمعتدي الحق من وجهة نظر تلك القنوات أن يقول عنا: مليشيات، أو إرهابيون، أو غيرهما من الكلمات والمصطلحات.. وإذا قام ممثل الطرف المعتدى عليه بالرد بالمثل سرعان ما يطلب منه مقدم البرنامج الالتزام بأدبيات الحوار، والحرص على انتقاء الألفاظ وتجنب الوقوع في الإساءة للطرف الآخر، أما إذا احتج على ذلك بما يقوله خصمه فإن جواب تلك القنوات حاضر، وهو أن ما نعتبره نحن إساءة بحقنا ونيلاً من كرامتنا وتشويهاً لخطنا ونهجنا هو بنظرهم مصطلح سياسي وإعلامي متداول على نطاق واسع من العالم، ومعمول به لدى الجميع، فهل هناك بعد هذا الانحطاط انحطاطٌ؟
إنما يجب اليوم على كل من يسارعون منا لتلبية دعوة استضافة من «روسيا اليوم»، أو «BBC» أو غيرهما من القنوات التي تعمل كجبهة موازية لصالح العدو، أن يعلموا أن ظهورهم في تلك القنوات يقتضي منهم أن يقابلوا العدو بمثل أسلوبه، وعليهم أن يعوا أن الهدوء واللين والرزانة بمثل هكذا مواطن ضعفٌ وسذاجة، فهدف تلك القنوات هو التسقيط لرموزنا، والزعزعة لثوابتنا، والنيل من معتقداتنا وقيمنا، وعليه يجب مقابلة كل ذلك بحزم وشدة مع توفر الحكمة المطلوبة من أجل وضع كل شيء في موضعه الصحيح، فكما يعتمد العدو أسلوب السخرية كوسيلة لحرب الأعصاب علينا في المقابل الرد بالمثل والكيل للعدو بذات المكيال، فالقضية ليست قضية فكر يواجه فكراً، وإنما نحن أمام عدوان متغطرس جاهل معقد متكبر ظالم وغبي وأحمق، لا يفهم سوى بالقوة التي لا بد لكل أساليب المواجهة أن تنطبع بطابعها.
وقد يتبع بعض ممثلي قوى العدوان في تلك القنوات أسلوب إثارة الكرامة الاجتماعية لدى بعض الذين يمثلوننا في تلك اللقاءات، كأنْ يقال لأحدهم: أنت من القبائل اليمنية العريقة، وأنت من الأسر المشهورة بالكرم والمعروفة بالشجاعة والنخوة».
كل ذلك بغرض اجتذابه إلى صف العدوان دون أن يشعر، فيسكت عن أشياء ويتساهل في بيان أشياء، وهذه خيانةٌ للرسالة وللقضية، من أجل المكانة الاجتماعية التي يصور له العدو أنه يراه فيها.
* نقلا عن : لا ميديا