بشرى سارة لكل الفاسدين والمقصرين والعجزة والفاشلين، هناك أقلامٌ للإيجار، يمتاز ملاكها الأصليون بالوداعة والتذلل بالمستوى الذي يجعل من امتطائهم سهلاً وميسراً لكل مَن يطمح إلى تبييض صفحات تاريخه ذات السواد الشديد القتامة، فمهما كان فسادك ومهما كان تقصيرك ما عليك سوى المسارعة للحجز والاستفسار، وستجد ما تقر به عينك ويستريح له فؤادك، ولاسيما إذا كان البديل عنك في المؤسسة التي كنت مسؤولاً عنها أكثر منك فساداً وتقصيراً، وقتها سيبتسم لك الحظ من جديد، لأن هناك من الكتاب الذين ينطبق عليهم المثل القائل: «من عرف يزيد رضى على معاوية».
ولأن هناك من لديه القابلية للتنازل عن كل شيء حتى فكره وشخصيته وقلمه ولسانه مقابل الحصول على ما يؤمن له قوت يومه، وقد ظهر مثل هؤلاء في هذه الأيام ولربما بشكل غير مسبوق، نتيجة حاجة البعض الملحة لهم، لعدم قدرتهم على تحقيق شيء في الحياة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
إنه أمرٌ محزنٌ للغاية، وخصوصاً عند وقوع شخص أو أشخاص من حديثي العهد بالكتابة في هذا الشرَك الذي سيكبل فكرهم ويسخر كل ما يكتبونه لصالح الذين استطاعوا السيطرة عليهم سيطرةً مطلقةً، إذ كان من الواجب عليهم تمثل هذه المرحلة العظيمة من تاريخ وطنهم ومجتمعهم بكل ما فيها من غنى روحي وفكري وقيمي وعقائدي، بالمستوى الذي يمكنهم من بناء أنفسهم وصياغة شخصياتهم صياغة كاملة على الصورة التي تقدم معاني ودلالات ثورتنا المجيدة على أرض الواقع من خلال ما تجود به قرائح هؤلاء وتتبارى فيه أقلامهم.
وهناك سؤال كلما خطر في ذهني وجدتني غير قادر على الإجابة عليه، وهو: كيف يقبل كاتبٌ ما على نفسه إعطاء غيره الحق بأن يقوم بالكتابة والنشر باسمه؟! ألا يدرك هؤلاء أن لدى الكثير من القراء القدرة على تمييز الأساليب ومعرفة ما إذا كان ما تم نشره صادراً عن هذا الكاتب أو ذاك أم لا؟!
ولقد عايشت مؤخراً هذه التجربة وعن قرب، إذ كنت أتابع أحد الكتاب نتيجة إعجابي بما يكتبه بين فترة وأخرى، إلى أن حصلت الفاجعة الكبرى التي جعلتني أقف أمام شخص رضي لنفسه أن يكون مجرد واسطة لنقل ما يجب عليه نقله، تماماً كالسلك الذي يتم توصيله بالتيار الكهربائي ليس إلا، وهكذا يحكم هذا الشخص وأمثاله على مواهبهم بالموت والفناء قبل أن ترى النور.
* نقلا عن : لا ميديا