لانزال نعاني أينما توجهنا من وجود المكتفين بانتمائهم إلى الحق بالقشور فقط، تلك التي تضمن لهم تحقق الانتماء الشكلي، وتهيئ لهم الظروف للحصول على المكاسب المادية والمعنوية، وتذلل لهم سبل الوصول إلى ما يريدون، وعلى الرغم من وجود رجالٍ صدقوا في انتمائهم، ولزموا صراط ربهم، وأسلموا له، إسلامَ الوجه والقلب والإحساس والشعور، إلا أنهم أُبعدوا عن المواقع التي كانوا الجديرين بها، لامتلاكهم آليات ومقومات وعوامل النهوض بالمسؤولية التي يفرضها عليهم التواجد في مثل هكذا مواقع، وتم إحلال ناقصي الوعي والإيمان، وعديمي الخبرة والإرادة، المفتقرين إلى الدافع والجدية في التحرك والقيام بالواجب الذي يفرضه المقام والموقع الذي وصلوا إليه محلهم، فنتج عن ذلك انعدام الأثر في الواقع لوجود الكثير من المؤسسات والقطاعات الحكومية، ولولا أن وسائل الإعلام تقوم بين فترةٍ زمنيةٍ وأخرى باستضافة ممثلي تلك الجهات، وإيراد تصريحات بعضهم من خلال نشرات الأخبار لنسي المواطن تماماً أن لدينا مثلاً وزارة تجارة وصناعة، أو شركة يمنية للغاز، أو وزارة كهرباء، وقس على ذلك، فأنت واجدٌ الكثير والكثير من مؤسسات الدولة يصدق عليها هذا المعنى، فلماذا الإصرار على المراوحة في ذات المكان دون أن نعمل على أن نتقدم خطوةً واحدةً إلى الأمام هذا إن لم نتراجع عشرات الخطوات إلى الوراء؟ لماذا كلما استبشرنا بالخير من خلال ما تقوم القيادة بطرحه وتعمل على حث المعنيين على ضرورة ترجمته عملياً نجد الاستجابة من قبل هؤلاء عكسيةً تماماً؟ ولو أردنا التمثيل على ذلك لاحتجنا عشرات بل مئات الصفحات، لماذا عندما نقوم بتغيير أحد المسؤولين الفاشلين في مهامه السابقة نقوم بنقله إلى جهة أو موقع آخر؟ هل نحن فقيرون إلى هذا الحد من حيث الوجود للكوادر الكفؤة والنزيهة والقادرة؟ أم هي العشوائية والارتجالية والعبثية وغياب التخطيط وقصور الفهم وغياب الإدراك للواقع، والاكتفاء بالمنشورات والتغريدات التي تمكننا كمسؤولين أن نقول للجماهير: اطمئنوا نحن بخير، ولانزال على قيد الحياة.
ومثلما هو الحال في القطاعات الخدمية نجد كذلك الحال ذاته في الميادين التعبوية والتوعوية والتثقيفية، ومعظم قطاعات وجهات ومؤسسات الإعلام، وخمسة وتسعين بالمائة من الناشطين والناشطات على مواقع التواصل، لأن الإعلامي والتعبوي والثقافي والناشط على شبكات التواصل قصر مهمته على التبرير للفشل، واكتفى بكيل الاتهامات لكل مَن يتوجه بالنصح ويقوم بالنقد، أياً كان ومهما كان صادقاً ومنطقياً في ما يسديه من نصح أو يبديه من نقد ويقترحه من حلول ويطرحه من آراء.
إن تصدر العاجز ميدان العمل لن يورث إلا الكساح، وتصدر المأزوم نفسياً، المدمن للصدامية، قليل الوعي، عديم الثقافة والمعرفة لميدان التوعية والتثقيف لن يصنع إلا الكثير من الحمقى والمغفلين والثرثارين والمجادلين بغياً بغير علم.
* نقلا عن : لا ميديا