مجدداً تمتدُ يد سيد الثورة وقائدها (أيده الله)، لانتشال الوضع الإداري من حالة الغرق في محيط الظلمات، أو زحزحة أقدام الكثيرين من حملة المسؤولية التي ظلت واقفةً في مكانها دون حراك، حتى أحاطت بها الرمال المتحركة من كل اتجاه، بفعل الاستسلام للريح الموحية بالتواكل، واللاقحة لعقول ونفوس أولئك بجينات العجز والفشل، والناشرة لفيروس اللامبالاة في أوساطهم جميعاً، بغيةَ جعلهم جزءًا لا يتجزأ من الأمة المعنية بإيجاد التحول الكبير الذي يتطلع إليه اليمانيون على كل المستويات، وحرصاً منه (حفظه الله) على إنارة القلوب والعقول بما يصلحها، ويعزز لديها الشعور بضرورة التحرك من موقع الفعل لبناء النفوس والواقع المحيط بها، آملاً أن تلقى كلماته ونصائحه وتوجيهاته لدى المسؤولين آذاناً مصغيةً واعية، وقلوباً مفتوحة، وضمائر حيةً، ونفوساً مستعدةً لأخذ الهدى بقوة ملؤها العزم والإرادة والتصميم على أن تغير ذاتها وتسعى لصنع التغيير في الحياة كلها.
نعم لقد آن أوان الإعلان بالقول: «سمعنا وأطعنا» من قبل الجبهة الإدارية، التي عليها مسارعة الخطوات لكي تتمكن من اللحاق بالطالوتيين في الميدان العسكري والأمني، الذين علمونا ما معنى الأمانة الواجب حملها كفريضة من الله، في ما عهد به إلينا من التعاليم والمهام والالتزامات سواء ما كان منها داخلاً ضمن أداء العبادات له سبحانه، أم ما كان معبراً عن انعكاس الأثر الناتج عنها على الوعي الذي يريك طبيعة ما تقتضيه كلمة خليفة في هذه الأرض لله تعالى.
وليس ثمة شيءٌ أكثر دلالة على حصول التمييز بين مَن حفظ أمانة الله، ومَن ضيعها من ميدان تحمل المسؤولية عن الناس وعن مختلف شؤون حياتهم، رعايةً وتربيةً وتعليماً وإطعاماً وحماية ورحمة وإحسانا، إذ سيريك هذا الميدان أناساً حملوا هم مجتمعهم، وحفظوا نفوس وأعراض وحقوق أبناء جلدتهم، فكانوا المؤمنين حقاً، والصادقين قولاً وفعلاً، والمخلصين باستمرار على السير في طريق الأنبياء، الحريصين على تنمية خبراتهم وزيادة معارفهم في ما يساعدهم على القيام بدورهم على أكمل وجه، إلى جانب ملازمتهم لكل ما من شأنه أن يعزز لديهم الثقافة التي تخلق الوعي وتوجد البصيرة، وتحقق الحصول على الحكمة، وتجعل الدافع لكل عمل يعملونه، أو واجب يؤدونه هو الدافع الإيماني، الذي من خلاله يتم إسقاط كل الأصنام التي تستوطن النفوس، فيصير التكامل والتعاون أصلاً من أصول الحركة، التي تلمس فيها آثار الروح الجماعية في كل ساحة وميدان.
كما سيريك في المقابل أناساً جمدوا عقولهم، وأغلقوا قلوبهم عن كل ما يفيدهم في ساحة العمل، بعد أن اطمأنوا لما وصلوا إليه، واعتبروه حقاً شخصياً لهم، ومقاماً باعثاً على تمجيدهم، وتقبل كل ما يصدر عنهم، فغاب الوعي عنهم واختفت البصيرة من سوحهم، وتلاشت الحكمة عن كل تصرفاتهم، ليسود الظلم في جميع أنحاء الدائرة الداخلة ضمن مسؤوليتهم، ويعم الجهل كل شيء يقومون به على كل المستويات، فلا يستقيم لهم قول، ولا تنجح لهم خطة، ولا يثمر لهم عمل، لأنهم ببساطة فقدوا الدافع الإيماني، الذي لا سبيل لإمكانية النجاح في تحمل أي مسؤولية إلا به، فهو بمثابة البوصلة التي متى ما أضاعها المسؤولون ضاعوا وأضاعوا.
* نقلا عن : لا ميديا