كيف أُمورك؟
هكذا بادرني بالسؤال، أثناء اتصاله المفاجئ بي قبل دقائق من لحظة البدء بكتابة هذه السطور، وكأنه يريد أن يرى إلى أي مدى استطاع بأفعاله إلى جانب الكثيرين ضدي تحطيمي، ونسف وجودي، وشل حركتي، والقضاء على حياتي بالكامل.
إنه سؤال من يود التعرف على الحال الذي آل إليه أحد ضحايا تعنته وصلفه ووقاحته وعجرفته وظلمه، سؤال مَن يود أن يراك مهزوماً محطماً، منكسرَ النفس، ذليل الفؤاد، مطأطئ الرأس، عديمَ الحيلة، قابلاً للتطويع والتدجين والانحناء، ولكن هيهات أن يبلغ عندي مراده، وينال لدي مبتغاه، فأنا المجبول على التمرد على الذل والهوان، الرافض للدناءة والاستعباد، التواق دوماً للعيش حراً عزيزاً كريماً، ولا أعبأ بحجم الثمن المتوجب علي دفعه في سبيل ذلك، حتى لو كان حياتي بكلها، فلا مانع عندي من تقديمها على مذبح الكرامة بكل رضا وقناعة واطمئنان.
لقد بعث اتصاله بي وجع جروح لم تكد تندمل بعد، وآثار سخط ومقت وازدراء وحقد على كل أولئك الذين يجعلون من مناصبهم وسيلةً لإيذاء مَن يقعون تحت إدارتهم، أو يعملون معهم، إنه بالطبع من أحط وأدنى وأوقح مَن عرفت، شخصٌ لا يتقن شيئاً سوى التصنع للخلق الحسن، وهو من أسوأ الناس أخلاقاً، وأقذرهم تعاملاً مع الآخرين، شخصٌ جعلت منه الصدفة والمحسوبية شيئاً في الواقع، مع أنه لم يكن يستحق ما وصل إليه بقليل أو كثير.
ولكن ما الذي دفع بهذا وأمثاله إلى السؤال عني، بعد ثلاث سنوات من إقدامهم على عزلي عن عملي، وتشويهي، وإغلاق جميع الأبواب في وجهي؟ لماذا الآن؟ هل لأن لعبة هذا وأمثاله بدأت خيوطها بالانكشاف تباعاً أمام ناظري سيد الثورة أبي جبريل أيده الله؟ أم لأن ضمائرهم صحت فجأةً هكذا ودون مقدمات؟ أم لأنهم يودون تبرئة ساحتهم من كل ما اقترفوه بحق العاملين في سبيل الله، في أكثر من موقع؟ عموماً كل شيء وارد، ولكني لم أعد أطيق سماع هذه الأصوات، ولا سماع أخبار أصحابها، إنهم العدو بزي الصديق، والنفاق المتغطي برداء الإيمان، أخزاهم الله، وفضحهم.
* نقلا عن : لا ميديا