الاعتصام بحبل الله، والوفاء بعهده وميثاقه: له آثاره ونتائجه التي تتجلى في شخصية المؤمن، وذلك عندما تدخل ضمن تركيبته الذاتية، وتتبلور ضمن مجموعة لا حصر لها من الصفات والحالات والعناصر النفسية، المعنوية والمادية، التي من شأنها أن تجعل هذا الإنسان في موقع المنعة والحماية والحفظ من الوقوع في الزلل، والإمساك عن ارتكاب الخطايا والمعاصي، ومجانبة كل سبل الغواية والشطط والانحراف، سواءً على مستوى الفكر، أو العاطفة وما يمثلها من إحساس ومشاعر وانفعالات، أو على مستوى المواقف والأفعال، الأمر الذي يؤكد: أن ادعاء أحدنا لنفسه بالإيمان، يظل ادعاءً كاذباً، لا معنى له، إلى أن يصل إلى المرحلة التي تريك إيمانه عنواناً لكيانه وشخصيته، ومنعةً لنفسه وفكره وعواطفه وسلوكه من السقوط، ومنهجاً يربي ويبني مكانته الإنسانية، ويحكم حركته العملية، على الصعيدين: الفردي، والاجتماعي.
إن للإيمان بالله وما يتفرع عنه: ثمرته اليانعة التي برزت على مدى التاريخ الرسالي، من خلال شخصيات عظيمة، مثلت النموذج في الصبر والخلق والفكر والاستقامة في خط العبودية لله، إذ بات معنى إيمانها حاضراً في البنية المعنوية لذاتها وكيانها الشخصي، فكانت النتيجة لذلك أن: وجدناها دائماً في مقام الفاعلية الخلاقة المنتجة المبدعة المعطاءة، ولا تكاد تجد موقعاً يخلو من حضورها وآثارها الخصبة، فكانت بحق الشاهد الذي يقدم بعمله وتفاعله ومواقفه الدليل على أهمية الإيمان المستقيم في الحياة، والرافد الذي يزود كل مَن حوله بمقومات المناعة والحصانة.
إن هذا الشهر عيادةٌ طبيةٌ نحن بأمس الحاجة للكشف فيها عن عللنا وأمراضنا، وسر عظمة هذه العيادة أن: الله هو الطبيب المختص، طبيب الأطباء ومالك كل شيء، ونحن في الحقيقة نعاني من أمراض روحية وفكرية مختلفة، لن نشفى منها إلا بالعودة الصادقة إلى الله، فأرواحنا بحاجة إلى ما يوفر لها المناعة من العلل والأسقام، التي تؤدي إلى الضعف والتراجع والسقوط، كما أن هناك فيروسات قاتلة للإرادة، مميتة للعزم والهمة، لا بد من أخذ اللقاحات اللازمة للوقاية منها، وإلا فستصاب إراداتنا بالتردد والوهن، وأفكارنا بالزلل والشطط، وبصائرنا بالعمه والضلالة، ومواقفنا وانفعالاتنا وتصرفاتنا بالإفراط أو التفريط.
* نقلا عن : لا ميديا