عندما خفتت أصوات البنادق وتوقفت الأحداث في جبهات القتال، ضجت أصوات المعاناة في أوساط الشارع. قد أكون غير مُصيب في كلامي ولكنني أطرح ما يجول في خاطري وغيري في كل مكان من جغرافيا السيادة الوطنية ومجتمع الصمود ومواجهة العدوان.
كُنا قبل الهدنة غير المُعلنة أفضل حالاً، كانت أخبار الجبهات وإنجازات الأبطال التي ننتظرها مساء كل يوم تُنسينا همومنا الدائمة وقسوة الأيام وما سببه العدوان الغاشم.
• رؤية المجاهدين في كل موقع اقتحام ومتراس، وعدو يُدمر ومدرعه تحترق بولاعة أحيتنا لأكثر من سبع سنوات، تجاوزت بنا عظمة المواجهة وحلقت بنا ملاحم العزة والكرامة والصمود لنتجاوز بتلك التضحيات مسألة الحصار وانعدام المتطلبات وانقطاع رواتب الموظفين وكنا في الطريق الصحيح.
• كان المجتمع الحاضنة الشعبية كخلية النحل، استنفار معنوي وإعلامي واجتماعي، تحشيد، أخبار جبهات تبرد القلب، حراك دائم، مواجهة بشكل كلي ومتكامل والشعب ملتحم بسيد الثورة (يحفظه الله) والجيش واللجان الشعبية.
• اليوم أرض المواجهة والحاضنة المجتمعية الشعبية تحولت إلى قاعدة مرتخية بسبب الهدنة غير المعلنة والنتائج التي لن تتحقق.
• البداية منذ اتفاق ستوكهولم المشؤوم، ماذا تحقق بخصوص الرواتب؟ تثبيت نقاط اشتباك لصالح مرتزقة العدو، رقابة ورصد ضد الجيش واللجان لصالح أدوات الاحتلال، وفي المقابل يرتكب مرتزقة العدو مئات الخروقات يومياً، وإذا تم الرد على مصدر الخروقات فتقارير فرق المراقبة تدين الجيش واللجان.
• هل الطيران توقف عن التحليق في سماء صنعاء برغبة وإرادة سعودية إماراتية لوقف عربدتهم أم أن السبب هو انقلاب موازين القوى وإنجاز قوة الردع التي ألحقت الضرر وشكلت التهديد المقلق لطيران الغزو التي أصبحت سماء صنعاء بموجبه منطقة خطر وتهديد وهزيمة، لذلك توقف عن التحليق؟ أكيد قوة الردع التي تحققت بفضل الله وتضحيات وإنجازات الأبطال لا أمم متحدة ولا يحزنون..
• هل الوساطات التي تقدمت صوب صنعاء جاءت حقناً للدماء التي سفكها المعتدون منذ الدقيقة الأولى بدون توقف وتستمر في ذلك حتى الآن؟ هل هي صحوة الضمير لدى بني سعود وعيال زايد ومن خلفهم الصهاينة والأمريكان والغرب بشكل عام، أم هي قوة الردع الباليستية والطيران المسير ورجال الرجال في كل جبهة وميدان؟ إنها قوة الله التي من بها على المستضعفين، ضربة بقيق وخريص أرامكو ورأس تنورة واحتراق خمسة ملايين برميل نفط وارتفاع أسعار النفط خلال أقل من ساعة، انقطاع الإمدادات الغربية من النفط، لا ضمير دول العدوان ممكن يصحى ولا كان بمقدور الوسطاء إقناع أشباه الرجال بقبول وساطة ووقف طيرانهم وعملياتهم، أوجعهم استهداف عمق اقتصادهم ودخان ثرواتهم.
• والآن حالة الموت السريري للمواجهة ماذا تحقق؟!
• حفاوة الاستقبال لسفير الشر والتقاط الصور بجواره مؤلمة، زوروا جرحى دار الرعاية في المستشفى العسكرى وفي كل مكان، أشلاء شباب ممزقة وأرواح متبقية.. وفي روضات الشهداء، أمهات وآباء وإخوة وأخوات نزفت قلوبهم بسبب صور بهجتكم تلك.
• تحقق للعدو ضمان عدم استهداف منشآته الاقتصادية، يريد التلاعب والخروج تاركاً قرابة تسع سنوات خلف ظهره وكأن شيئاً لم يكن.
• يُمزق ما تبقى بعد عدوانه بتمويل وتفريخ مكونات وهمية لحظة إعلان مجلس ذاتي لحضرموت وآخر في شبوة وثالث في عدن ومؤخراً «مجلس مقاومة» بقيادة حمود مخبازة.
• أنا كمواطن وغيري كذلك وقف العدوان مطلب ثابت، وسيادة غير منقوصة، ومغادرة الاحتلال وأدواته ورفع الحصار وإعادة الإعمار وتعويض الأضرار..
• الحروب الست الظالمة، هل كانت لـ«إعادة الشرعية»؟ العدوان اليوم هل لـ«إعادة الشرعية» كما قيل؟ الحروب السبع إلى اليوم يقودها العالم إلى الآن سببها المشروع القرآني وقيادته والموقف من قضايا الأمة، فلسطين والموقف من العدو الصهيوني.
• لو قدم السيد القائد (يحفظه الله) التنازل عن شيء من ثوابت المشروع القرآني ودولته بما يضمن مصالح أمريكا و«إسرائيل» لرفعت صور السيد عيدالملك داخل البيت الأبيض ولفتح لهُ الطريق لزعامة المنطقة وليس اليمن فقط، لذلك لن يتحقق شيء بالحوار والمفاوضات، لأن السيد لن يقدم أي تنازل مهما كان بسيطا، وهذا معروف وإلا ما كان نصف إخوته شهداء منذ الحرب الأولى إلى اليوم.
• إذا كانت جزئية ملف المرتبات كبادرة لبناء الثقة، لم يتم إبداء حُسن النية تجاهها منذ «اتفاق ستوكهولم» إلى اليوم، فالواضح أن الثقة لا يمكن أن توجد مع العدو التاريخي لليمن، ومئات السنين تذكر من يرى حمامات الثقة وحُسن النية تحوم فوق السفير الجابر وأسياده الصهاينة، يعني بنود المسودة لن تنفذ ولا بعد عقدين قادمين وسيعمل العدو على توظيف أدواته للقيام بالمهمة القادمة وتفخيخ كل الوطن سواء جغرافيا السيادة الوطنية أو المحتلة، فمتى كان لهؤلاء أي عهد؟!
• لماذا الرجوع للخلف والتنازل عن الانتصار المكتسب بتضحيات شهداء وجرحى ودمار وخراب وقصف وقتل وحصار؟ يجب الثقة في زناد البندقية والسيد القائد (يحفظه الله)، لكن يبدو أن هناك من استطاب الانتظار وتحول إلى حمامة وداعية سلام منقوص.. وقريباً سيقول نريد أن نتعايش مع جيراننا. يا هذا ارجع لثوبك المُغبر وميدان مواجهتك فلن يتحقق شيء دون دك مدن العدو وتحقيق الانتصار الذي يفرض شروط صاحب الحق والأرض والقضية وينتزعها من عين العدو انتزاعاً لا حواراً.
• وقبل الختام، سيقول قائل إنني مش فاهم شيء في السياسة ولا في ما يحصل، فعلاً أنا وغيري لم نعد نفهم ماذا يحصل ونحن شعبكم، سيقولون التفاوض وعلى مستوى كبير من المطالب والملفات العليا، طيب فهمونا حسب ما هو متاح، لأننا لا نفهم جدوى مرحلة اللاسلم واللاحرب الحاصلة، ولا نفهم إلا أن مواجهتنا يقودها المجاهدون جيشا ولجانا في كل شبر وجبهة وميدان وصاروخ باليستي وطائرة مسيرة تدك عُقر دار العدو.
• ختاماً، الكثير من المسؤولين والقيادات شغلهم الفضاء الافتراضي وبنوا اطمئنانهم واستندوا على إعجابات ذباب الدفع المسبق في مواقع التواصل الاجتماعي وغاب عنهم سقوطهم في أعين وقلوب الناس كل ثانية في الواقع الميداني الحقيقي، فهل رهانهم افتراضي؟! البعض لم يعودوا يخفون حتى تجهمهم وتهجمهم وفرعنتهم حتى في شبكات التواصل الاجتماعي يرعدون ويزبدون ويبهررون ويتوعدون، كيف سيكون ردودهم في الواقع الحقيقي إذا هم هكذا في «تويتر» و«فيسبوك»، الله يستر ويشغلهم بالتواصل الاجتماعي لو ما يعين الله ويتم الكي الشافي..
* نقلا عن : لا ميديا