عاش المجتمع خلال الفترة الأخيرة فترة من الألم والمعاناة التي لا تحتمل، نتيجة للفساد والجشع والاستقواء. تراكمت المظالم وتعرض الكثيرون لأوضاع صعبة ومؤلمة. فقد البعض وظائفهم، ووقعت ممتلكات الكثير من الناس تحت طائلة النهب، وتعرض البعض للإهانة والقهر، وامتلأت السجون بالأبرياء، وواجه العديد من التجار شبح الإفلاس، وتمت مصادرة شركات... بالإضافة إلى ذلك، سلبت مكانة الشيوخ والوجاهات الاجتماعية في مجتمعاتهم، وأصبح قرار مناطقهم بيد غيرهم من الوافدين، وتم تجاهل آراء الناس والاستخفاف بمعاناتهم.
وسط هذا الواقع المؤلم، كيف يمكن للناس تقبل التغيير الجذري الذي تم الإعلان عنه، دون أن يتم التصدي لجذور المشكلة وحلها؟!
نعم، هناك حاجة ماسة للتغيير الجذري، ويتطلب الأمر الاستقرار الداخلي كذلك؛ لكن يتعين أن يتم الأمر بطريقة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار المستدام، بحل جذور الموضوع، وليس دفنه، ليبقى ناراً من تحت رماد.
إذا كانت الاختلالات السابقة لا يمكن معالجتها، والمظالم لا يمكن تصحيحها، وإذا كان يُفرض على المظلومين الصبر، وعلى المتعرضين للتجاوزات تحملها، وإذا كان من تم إقصاؤهم يجب أن يستسلموا، ومن تعرض للإهانة يجب أن يصمت، ومن تعرض للسجن يجب أن يرضخ، ومن تعرض للنهب يجب أن يبكي بصمت... من أجل «الاستقرار الداخلي»، فإن التغييرات الجذرية ستصبح مجرد «تصفير للعداد»، وتعود الأمور إلى نقطة الصفر، ويبقى الاحتقان، وسينظر إلى هذه التغييرات الجذرية المرتقبة على أنها مجرد لعبة وتضليل وخداع.
* نقلا عن : لا ميديا