* عندما تكون في مرحلة عراك وصمود، وتتحمل مصارعة نفسك وعقلك للتمسك بعقيدة الكفاح والنضال، وتقطع الشهور والسنين، وتترهبن بثورية الدرب المنشود للكرامة والحرية وتحقيق العدالة والشفافية الصادقة في إدارة المرحلة وتطبيع التغيير على أرض الواقع وتحقيق ما يمكن..
ولو الشيء البسيط من أهداف وتطلعات الشعب الشاخص بطموحاته تجاه الثورة، لتصبح تلك الوعود والعهود المقطوعة في خِضم مخاض الحاجة لتجمهر الشعب لتوفير الزخم المطلوب لشرعنة التحرك وإضفاء الشرعية على الحراك الحاصل، ليتحول إلى واقع حقيقي في وجود «دولة للشعب» كما قال الشهيد الرئيس الصماد رحمه الله، وسنظل نُذكّر بكل شيء من بصمات الصماد وصدقيته في التعامل والمطالبة بدولة نظام وقانون، وتحرك تجاه بناء وتنمية وتوفير خدمات وعمل وإدارة واعية ترشّد الإنفاق وتتولى ترتيب الأولويات حسب المهم وحاجات المجتمع خدمياً ومعيشياً واقتصادياً، مسؤولية تعمل على توطين الاستقرار في حياة الناس ومتطلباتهم اليومية وتخفيف معاناتهم.
* عندما تكون بقيمك التي تضج بداخلك وتجعلك شاخصاً ببصرك إلى عنان السماء عزة ومشروعاً، وأنت مواطن بملابسك البسيطة المتقطعة والرثة المنظر البالية والكاشفة للتفقير الذي يكتسي بهِ الشرفاء المضحون بنفوسهم وحياتهم وكل شيء لدى السواد الأعظم من الناس نضالاً وكفاحاً وصبراً خالصاً للقضية، للمشروع، للإنسانية، التي يؤمن بها ويطلبها كل الأحرار والمستضعفين الشرفاء الذين لم يتوقع أحد منهم أن يختلف الآن توظيفها وتُنكث تلك الوعود ويتحول مسارها، وبأيدي مَن؟! «رهطً مفسدين»، فما هي الغاية من تركهم يعيثون في واقعنا فساداً؟! مَن خان مبادئ الثورة ودماء الشهداء وتضحيات هذا الشعب لا يستحق فرصة ثانية، ولا ينفع معهُ هدى الله، ولن يقطع فيه دخول الدورات.
* تصدمك الحقيقة عندما تكتشف أنك تحولت إلى مغفل بائس لم يفهم ولم يستوعب المطلوب، ويتحول الحلم إلى حسرة وصدمة مؤلمة، نتيجة ما يحصل، من خلال قراءة الواقع وحسب ما هو ظاهر، والأمور بظواهرها بكل بساطة.
* عندما تخشى السقوط على وجهك الطامح للمستقبل الأفضل، ولا تعرف كيف طحت وكيف أصبحت على وجهك، هل لأنك لم تنظر بنظرة محدودية المكان والقطيع المتعصب للجغرافيا المقيتة ونزعات ودعوات لم يكن لها وجود مسبقاً أو كانت مبيتة حتى حان وقت ظهورها؟! ألم نكن واقعيين ونفهم (السيناريو) وما هي المصلحة المطلوب أن نفهمها كما يُقال؟! لا، بل لأننا نثق أن المشروع عظيم، وما يحصل هو أخطاء يتحملها أفراد سقطوا من الداخل.
* هل أقول إنني كواحد من الناس لم أتنبه لحقيقة طريق التغيير الذي تبدل إلى المظلم البعيد عن كلام «المتأرخين» بأدبيات التاريخ والثوريات الخادعة والمجافية للواقع، وجعلوا منا مجرد متوهمين بالنضال والتغيير، ومخدرين غائبين عن الواقع، متأثرين بروايات ومقولات المتقمصين للنضال القصصي الذي لم يعايش حتى الحقيقة بحبر الأوراق التي كتب عليها، والذي لم يحكِ لنا حقيقة الصراع الداخلي في كل الثورات وما يدور خلف كواليسها وما يتم بعد الثورات وهي المرحلة الأهم. ففي الخفاء المظلم لمراحل التغيير قصص وأحداث لم يدوّن فيه شيء من الحقيقة الواضحة للحصاد، والنتيجة التي لم تخضع لأي تقييم ومراجعة وإسقاط على الدعوات والمبادئ الثورية التي رفعت حينها وضحى الشعب من أجلها. لم يكتب ما دار وحصل خلف الكواليس وبعيداً كل البعد عن الشعارات المستهلكة، بعيداً كل البعد عن خطابات الصاعدين الجُدد في كل مرحلة، والذين ينتقلون من مرحلة الخطابات إلى إقطاعيين وعمالقة طُغيان جُدد نتيجة الانحراف، تضيع بين أيديهم أحلام البسطاء بدولة عدالة تتحقق في كنفها كل المبادئ المنشودة والحياة الكريمة والاستقرار في المعيشة، ويجد المواطن نفسه يعلم أبناءه في مدارس الدولة ويتطبب في مستشفى الدولة وتتحمل الدولة مسؤوليتها في غذاء وأمن، تقييم للواقع العام بشكل صحيح ورصد أماكن القصور وتحديد المعالجات العاجلة التي تحقق المنفعة.
* العدل هو ما يجلب الأمن والأمان، يحقق التنمية الاقتصادية. فملف العدالة سبب كثير من الإشكاليات في المجتمع، وإهماله سبب كل القضايا التي تقلق الساحة الداخلية، ثورة حقيقية تغير واقع المواطن وتنتشله من عيش المعاناة الدائمة وحالة الهموم المزمنة التي يتوارثها اليمنيون جيلاً بعد جيل إلى اليوم.
* فهل من المستحيل أن يكون لنا وطن فيه ما يحفظ للمرء آدميته وإنسانيته وحقه بالشكل الطبيعي، ولا نقول رفاهية؟! هل يستحيل أن تكون الدولة متبنية لمشاريع الإسكان وتفعيل نشاط بنك الإسكان مثلاً؟! وهذا لن يحصل في بلدنا كما لم يحصل في العقود الماضية، فمن حق كل مواطن الحصول على قطعة أرض صغيرة لبناء مسكن للعيش فيه، في حين تصرف مساحات شاسعة من الأراضي وبالكيلومترات للإقطاعيين تحت تسميات تجميلية كثيرة، فنرى قصوراً شاسعة وغيرها من عطايا أرض الدولة تحت ذرائع استثمار لثروات شخصية ليس للدولة ولا للمواطن فيها ناقة ولا جمل كما يُقال.
* عندما يتحول المشروع إلى مصالح وتكتلات وتحالفات، ويصعد أذناب الاتجار بالقضايا وسماسرة الدول إلى حاشية تُنظّر وتبرر وتُسوق للطغاة الجُدد، تضيع تلك القيم وتتلاشى تلك المبادئ، ويأتي متعجرف يخاطب الشعب بلغة الابتزاز، فقد كان النظام السابق كل فترة يُفعّل ورقة «القاعدة» و»الإرهاب» و»التفجيرات» للجم الشارع، ومساومتهم بأنهم سيُقتلون وتكون فوضى عارمة وسيأتي الشيطان إذا تطلعتم وطالبتم! واليوم لا يبشر بجديد حسب ما يتسرب ويلوح من خلال ممارسات الساقطين من الداخل.
* الثقة بالله وشخص سيد الثورة (يحفظه الله) ومجاهدي الجيش واللجان الشعبية لإجراء جراحة تصحيحية عاجلة، وانتزاع من كان مؤمناً وزلَّ عن الصواب. إبليس كم ظل يعبُد الله، وانقلب على عَقبيه!! فلافتة «مؤمن» كان مؤمناً، واليوم لم يعد كذلك، فلا غرابة، إنها مرحلة اختبار وسقط.
* وعسى أن زيارة الوفد العُماني الوسيط لن تؤجل التغيير الجذري للواقع المزري، الذي تحدث عنه سيد الثورة (يحفظه الله وسدد خطاه وحف مقامهُ بالصالحين).
* «مشكلتنا في الثورات أننا نطيح بالحاكم ونبقي من صنعوا دكتاتوريته؛ لهذا لا تنجح أغلب الثورات؛ لأننا نغير الظالم ولا نغير الظلم» (علي شريعتي).
* نقلا عن : لا ميديا