عادةً ما تحتفي قنوات المتصهينين الأعراب بمنشورات وتغريدات الذين طبع الله على قلوبهم، وجعل على سمعهم وأبصارهم غشاوة، الذين ليس لهم من شيء يؤكد أنهم يمنيون سوى الأسماء والألقاب فقط لا غير، لذلك تجد أطاريحهم مشبعةً بالحقد على اليمن واليمنيين فكراً وتراثاً وأرضاً وتاريخاً وإنسانا، مطرزةً بالكذب والتزييف والتزوير وقلب الحقائق، وفيها من العفونة الطائفية والمناطقية والقبلية ما يزكم الأنوف، وينفر النفوس، بعد أن ترى كل ما يشعرها بالتقزز والمقت والاشمئزاز.
والغريب أن هذه القنوات المتصهينة الأعرابية قد خصصت لهم مساحات أوسع لنشر أمراضهم الفكرية والنفسية ضمن برامجها ونشراتها الإخبارية، وذلك بالتزامن مع معركة طوفان الأقصى، والعدوان الصهيوني على غزة، ودور اليمن الإيماني وموقفه المشرف قائداً وشعباً ومجاهدين، المتمثل بالدخول المباشر في المعركة نصرةً لفلسطين والحق والدين والإنسانية. وما إن باشر الأمريكي والبريطاني عدوانه علينا ليلة الجمعة حتى بدا هؤلاء أكثر فرحةً وسعادةً وابتهاجاً حتى من الكيان اللقيط نفسه! لا لشيء إلا لأنهم فقدوا كل معاني ومقومات وقيم ومبادئ النفس الإنسانية، فلا شرف ولا عرض ولا دين ولا كرامة ولا خلق ولا فكر ولا حرية ولا قضية ولا أي ثابت من الثوابت لديهم، وإذن فإنه من السهل اليسير على مثل هكذا بشر الظهور بهكذا مظهر؛ كله تشف وسرور وابتهاج، وكأن تلك الضربات قد قضت على اليمن ثورةً وقيادة ومشروعا وقوة وحاضنة، وانتصر مشروع الصهيونية والعمالة في بلادنا إلى الأبد!
لقد ظل هؤلاء طوال أعوام العدوان الأمريكي السعوصهيوني التسعة؛ نموذجاً للسخافة والصفاقة وقلة الحياء والدين، وأصلاً من أصول الابتذال والتفسخ والانحلال والعمالة والتبعية، لكنهم في زمن الطوفان؛ قد أعلنوا موت ضمائرهم، وباتوا أبلغ شاهد على مدى ما قد يبلغه الإنسان عديم الشرف من انحطاط وعري وتجرد وعهر، حينما يكفر بكل الثوابت والمسلمات نكايةً بخصمه الفكري والسياسي، وحباً في هزيمة المشروع والثورة اللذين جاءا لرد الاعتبار لليمن والأمة والإنسانية جمعاً.
ولكن كيف السبيل لردع هؤلاء، وإيقافهم عند حدهم؟ هل نقوم بضرب بعضهم بالأيدي، وسجن بعضهم الآخر؟ أم نعمل على فضحهم وكشفهم للملأ من خلال الرد على كل إثاراتهم، وتفنيد كل الأفكار التي يطرحونها، ومناظرتهم بالحجة والدليل والبرهان، وعلى مرأى ومسمع العالم؟
الحقيقة أننا لسنا أمويين حتى نعمل بالخيار الأول، وإنما نحن امتدادٌ لرسالة الله، لنا نهجنا وخطنا وقدواتنا، الأمر الذي يجعل الخيار الثاني أصلاً من أصول سياستنا وطريقة تعاملنا مع الخصوم الفكريين والاجتماعيين والسياسيين المحسوبين على الداخل، ما لم يتحول هؤلاء إلى مقاتلين وجواسيس. ولنا في سيرة ومسيرة الإمام علي خير شاهد، وأصدق مثال.
إن اللجوء إلى التعدي بالضرب والسجن على الخصوم الفكريين لا يحل المشكلة، بل يعقدها، ولا يخدم الحق، بل يصب في خدمة الباطل، فكم هنالك من كذابين ومبطلين تحولوا بطرفة عين إلى رموز فكرية، وقادة رأي بفعل الكبت والتعدي والسجن الذي تعرضوا له على أيدي سفهاء وجهلة محسوبين على أهل وجبهة الحق!
إن أقرب وأسلم وأنجع طريقة وأسلوب لتخليص المجتمع من كل هذه العاهات الفكرية تكمن في محاربتهم بذات السلاح الذي يحاربوننا به، فالفكر لا يواجه إلا بالفكر، هكذا قيل، وسوف نرى كيف سيصير هؤلاء منبوذين ومعزولين ومدانين من قبل كل أبناء مجتمعنا، دون أن نقوم بارتكاب الحماقات التي تسيء إلينا كمنتمين للإسلام الأصيل، وممثلين لمدرسة وخط أهل البيت.
* نقلا عن : لا ميديا