متى سنكبر فنكون بمستوى الثورة التي نمثلها؟ متى سنجد أنفسنا فعلاً معبرين عن النهج الذي نحمله، وعاملين بمقتضى ما ندعو سوانا للالتزام به؟ متى ستغادر العشوائية والآنية والسذاجة الفكرية واقعنا إلى غير رجعة؟ لماذا لا نتكلم بحق ولا نقف لمواجهة فساد فاسد أو التصدي لظلم ظالم إلا متى ما حصلنا على الضوء الأخضر من قبل مَن كانوا هم مظلةً للفاسدين ولايزالون وعنواناً للظلم وحامي حمى كل الظالمين في كل مفاصل وأروقة مختلف قطاعات ومؤسسات الدولة؟ لم نعد نثق بكل ما يقال على لسان ممثلي مؤسسات الإعلام الرسمي، وكل ما يكتبه ناشطو شبكات التواصل المنتسبون للهيئة الإعلامية، وخصوصاً عندما تنتظم تلك الألسن والأقلام في خندق واحد، بغرض شن حملة منظمة لاستهداف مسؤول هنا أو هناك، وذلك لأن هؤلاء لم يقوموا بهذا العمل بدافع الشعور بالمسؤولية، وإنما بدافع الاستجابة لرغبة مَن يقودهم ويمتلك حق الاتخاذ للقرار الأول والأخير بشأن طريقة عملهم وماهيته، وما الذي ينبغي عليهم فعله وما لا ينبغي لهم أن يقتربوا منه نهائياً وإنْ على سبيل التفكير ناهيك عن السعي للتنفيذ عملياً.
إن المعنيين بتلك الحملات كانوا هم الذين يجرمون كل كلمة تنطلق لفضح فاسد، أو تطالب بردع ظالم وإنصاف مظلوم، من هنا نعرف أن الاستيقاظ المفاجئ لم يكن نتيجة صحوة ضمير، وإنما نتيجة اختلاف على المصالح بين الحامي والحرامي، فكان على الحرامي أن يدفع ثمن خروجه عن طوع حاميه وحامي أمثاله بهذا الشكل الذي سيقضي عليه إلى الأبد بعد أن يفضحه على رؤوس الأشهاد، ولن يكون البديل إلا الأكثر سوءًا من سابقه والأيام ستشهد بذلك.
وعلى هذا المنوال قام أحد المسؤولين بالدعوة إلى الاقتداء بالإمام علي (عليه السلام)، في جانب العدالة والإنصاف، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، والغريب في الموضوع أن هذا الرجل رفض توجيهات سيد الثورة التي تقضي بأن يقوم هذا الشخص بإنصاف فرد واحد تعرض على يديه لأبشع أنواع الظلم دون وجه حق! فمن يصدقه؟
* نقلا عن : لا ميديا