مجاهد الصريمي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
مجاهد الصريمي
الحذرَ الحذرَ
فلنبدأ من حيث بدأ "ع"
الوطن بعيون علوية
جوهر الدين نفسه
الأرضية الصلبة للتغيير
التغيير والمعوق الأكبر
من بركات الطوفان
قمة الشجاعة المسؤولة
من صور التلاعب بالدين
أبرز الحقوق بنظر علي

بحث

  
سبيل انهيار الأمم من الداخل
بقلم/ مجاهد الصريمي
نشر منذ: سنتين و 3 أشهر و 7 أيام
الإثنين 15 أغسطس-آب 2022 08:55 م


ليس من السهولة بمكان أن يستطيع شخصٌ كانت تُسيطر عليه نزعة العصبية، أن يذوب في مشروع رسالي، إلى الحد الذي يمكنه من صياغة ذاته وضبط سلوكه وبناء دوافعه على مستوى المواقف والأفعال وفقاً لما يقرره ذلك المشروع، لأنه أشبه ما يكون بكائنٍ بحريٍ، فالعصبية هي عالمه، وأي محاولة لإخراجه من هذا العالم بالنسبة له هي: محاولة لإنهاء حياته، لذلك تراه مهما اتسعت الحياة، وتقدمت العلوم والمعارف، واختلفت الأطر التي تتخذها المجتمعات وسيلة لتجميع قواها وتوحيد جهودها وطاقاتها، بغرض الحفاظ على مكتسباتها وحماية وجودها، إلى جانب سعيها الإنساني ضمن تلك الأطر الاجتماعية والسياسية والتاريخية واللغوية والثقافية والسياسية والجغرافية إلى التكامل مع بقية الكيانات والأمم الإنسانية الأخرى، منشداً إلى عالمه الخاص، إذ التاريخ والأسرة والقبيلة والعشيرة والشعب أو الأمة ليست أطرا وجزئيات تدفعه نحو التكامل مع بني جنسه، وإنما هي أسس وكليات يبني على ضوئها تصوراته وأفكاره، ويحدد كذلك بالاستناد إليها علاقته بمَن حوله ومواقفه منهم ونظرته تجاههم، باعتبار أن كل الدوائر التي يربطه بها رابط الانتماء سواءً صغرت تلك الدوائر أم كبرت واقعةٌ ضمن المطلقات التي عليها يحيا وفي سبيلها يموت، نعم ليس عيباً ولا جرماً أن يحب الشخص قبيلته ولغته ومنطقته وحزبه وجماعته، وأن يحرص على حمايتهم بالدفاع عنهم والوقوف إلى جانبهم، ولكن شريطة ألا يخرج ذلك عن الإطار الذي يجعل علاقته بهؤلاء منسجمة مع تعاليم الله، ومضبوطة بضابطٍ من دين وخلق وقيم ومبادئ الرسالة، التي تقرر أن كل ما ينتظم به وجود الإنسان، وتقوم عليه حياته وعلاقاته ومشاعره وشخصيته ما هو إلا الجزئي الذي لا بد أن يسير به نحو الكليات، والمحدود الذي يجب ألا يعظمه الفرد حتى يحل في كيانه ومشاعره محل المطلق، وهو الله سبحانه وتعالى، الذي له وحده العبودية والطاعة، وفي سبيله يجب بذل الروح والمال وكل شيء، أما ما سواه تبارك اسمه، فهو الضعف والانحطاط والوضاعة، مهما عظم في عين العابدين له، وكثرت أنسجتهم الفلسفية والكلامية حوله، فسيظل كبيت العنكبوت، «وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون».
وأما ما لا بد من التنبيه عليه، والحث على ضرورة إدراكه ومعرفته، لكي نتمكن من الحد من آثاره التدميرية ونفوذه المتزايد هو: أن واقعنا اليوم بات يشهد وجود مثل هذا الشخص في أكثر من موقع من مواقع المسؤولية، وهذا يمثل الخطورة بعينها التي تتهدد الثورة والمشروع والمجتمع، لأن حركة هؤلاء استطاعت أن توظف شيئاً من التعاليم الدينية لخدمة نزعتها العصبية، وشعورها الاستعلائي المقيت، ونظرتها الدونية، وهذا ليس جديداً في تاريخ الرسالات بكلها، فاليهود هم النموذج الأبرز لهكذا عمل وتوجه، إذ كانوا أول مَن اعتبر الدين والإله حقاً خالصاً لهم، وليس للشعوب والأمم الأخرى الدخول معهم في ذلك الحق أو مشاركتهم هذا الفضل.
ثم جاءت مرحلة الإسلام، فكان انتقال رسوله الكريم إلى الرفيق الأعلى، الباب الذي دخلت منه قريش لتجعل النبي والإسلام والسلطان وكل شيء حقاً طبيعياً لها، ملغيةً بذلك وجود الأمة ودورها، بحيث حولتها إلى هامش لا وزن له، وليس هذا فحسب، بل لقد كان من مخرجات انقلاب السقيفة العمل بما تقرره صلات النسب والمصالح الشخصية، وإن أدى ذلك إلى المخالفة الجسيمة للدين، والتجاهل المتعمد لتعاليمه، حتى بلغ الأمر بأحد الخلفاء أن يقرر على بعض القبائل العربية التي لا تنتمي إلى الإسلام الزكاة بدلاً عن الجزية، بدافع العصبية للعروبة، كما لا يختلف عاقلان أن لا سبيل لتولي مجرمي أي أمة جميع مقاليد أمورها، وتفجيرها من الداخل، إلا عندما يصبح انتماؤها الإنساني والديني قائماً على العصبية والشعور القومي المفرط، الذي يجعل انتقادها في خط ما تعدياً على الثوابت، ومساساً بالمطلقات.
* نقلا عن : لا ميديا
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالرحمن العابد
يوم واحد في عتق
عبدالرحمن العابد
أحمد داوود
أبواق مهزومة
أحمد داوود
عبدالكريم محمد الوشلي
الشيطان الأمريكي والذين معه..!
عبدالكريم محمد الوشلي
شارل أبي نادر
بعد أربعين عاما من المواجهة: كيف تآكل التفوق الجوي لدى العدو؟
شارل أبي نادر
محمد صالح حاتم
اليمن.. بين تجديد الهدنة الإنسانية وخطورة ما بعدها!
محمد صالح حاتم
عبدالفتاح علي البنوس
المرتزقة وتحالف العار وشيطنة الأنصار
عبدالفتاح علي البنوس
المزيد