كلما مر يومٌ من أيام شهر ربيع البشارة الأولى؛ ازدادت تمدداً واتساعاً مظاهر الفرح والابتهاج في أوساط المجتمع اليمني، المعبرة عن المحبة الصادقة، والارتباط الوجداني والروحي والعقيدي القوي بسيد الأنبياء والمرسلين وإمامهم وخاتمهم محمد صلوات الله عليه وآله، وكيف لا يفرح المؤمنون بذكرى مولد فضل الله ورحمته للعالمين، وصاحب الخلق العظيم، لاسيما وهم يودون لأنفسهم أن تولد من جديد، باعتبار المولد النبوي المنطلق والأساس الذي يمكن التعويل عليه لإحداث التحول النوعي والكبير في واقعنا، وتحقيق التغيير الجذري والشامل لكل أوضاعنا؟
وهذا ما يحمل مؤسسات الدولة وقطاعاتها كافة المسؤولية تجاه ما يجب فعله من أجل بلوغ ذلك الهدف، الذي يتطلب منها البدء بالبناء والتخطيط والإعداد للنظم والآليات والبرامج الكفيلة بولادة الأمة المحمدية الشاهدة، المتشربة لكل معاني ودلالات الرسالة، والعاملة على تحقق الوعد الإلهي القاضي بظهور هذا الدين على الكون كله من خلالها، الأمر الذي يجعلنا نقول للمعنيين وبصريح العبارة: نحن مَن يجب أن يحتفل كشعب، لا أنتم كدولة، لأننا نريد منكم إعطاء الشاهد على صدق توليكم لله ورسوله والمؤمنين في ساحات التحمل للمسؤولية، وليس في الندوات والمنابر والاحتفالات، وحريٌ بكم أن تكفوا عن الاستعراضات الفارغة، المتمثلة باحتفال كل وزارة ومؤسسة وجهة وهيئة وقطاع ومكتب تنفيذي على حدة، وتعملوا على توحيد الجهود في دعم الفعالية الكبرى، والسعي لإنجاحها، بدلاً من التنافس على حب الظهور الذي يغلب عليكم في كل مناسبة وطنية كانت أو دينية، إنكم اليوم مطالبون بالعمل من واقع التمثل لسيرة ومسيرة الرسول وأهل البيت صلوات الله عليهم، وليس بالكلام عنهم، فهذه مهمة غيركم، وهم جديرون بها، ولكن أعينوهم إن كنتم صادقين بالتطبيق العملي لكل ما يطرحونه من أفكار وقيم ومبادئ اشتمل عليها المشروع الرسالي الذي نحمله.
بهذه الطريقة فقط ستكون مسيرة مجتمعنا الإيماني مسيرةً نهضوية هادفة واعية قوية ثابتة متماسكة صادقة، إذ سيتحقق لمجتمعنا من خلال الرؤية للأفكار والمبادئ الرسالية وهي تُطبق على أرض الواقع؛ الوعي بالهدف والغاية والطموح الذي يجب السعي باتجاهه، ومادام الهدف هو إقامة دين الله في الأرض، فإنه كفيلٌ بتفجير جميع الطاقات وتوليد الهمم والعزائم وبناء وتكوين الإرادات لدى عامة الناس، شريطة أن يلمسوا صدق الادعاء للتمسك بهذا الهدف لدى المسؤولين في كل شيء متعلق بمسؤوليتهم تجاه الشعب والأمة، وبذلك يصير الإيمان بالله هو الممون الداخلي لحركة المجتمع ونشاطه، أما إذا ظللنا في دائرة الكلام والتكلم عن الدين والرسول والعترة والقرآن ولم نفعل شيئاً ينقل الفكرة إلى عالم الحس والتجربة؛ فسيصاب المجتمع بالسكون والجمود، ويصبح عديم الفائدة، لا غاية لوجوده، ولا مقصد وهدف واضحين يسير باتجاههما.
* نقلا عن : لا ميديا