كلما نهض الإسلام المحمدي من تحت ركام الغفلة، وبدأ بتحديد وجهته بعد قرونٍ من الضياع والتيه، واتجه للعودة إلى جذوره وينابيعه الأصيلة، وعمل على تحرير الإنسان من كل ألوان وأشكال الاستبداد والاستعباد، وحقق انتصارات كبرى في مواجهة قوى الاستكبار؛ برز في سبيل إعادته إلى خانة الصفر أناسٌ من المحسوبين عليه، البعيدين تماماً عن الالتزام به، المتشربين بل المعجونين بثقافة إسلام المصلحة، إسلام الطلقاء، إسلام القصور، إسلام التجار والملأ، إسلام تأبيد الفقر والتفكك والجهل والخرافة، إسلام المظاهر الخادعة، والتدين الزائف، والالتزام القشوري، إسلام التدجين والتخدير والتطويع والعصبية، إسلام الإيجاد لأرباب وشركاء وأنداد كثر لله سبحانه وتعالى، ولكن بطرق وأساليب ملتوية، وأفكار شيطانية لا تخطر على ذي بال!
هؤلاء المجيدون للتقمص لشخصية وثقافة المصلحين المجاهدين الساعين لإعلاء كلمة الله، بالحفاظ على كرامة وحقوق وإنسانية الإنسان؛ خطيرون جداً، إلى الحد الذي يجعلهم قادرين على الإلمام بكل ما تضمنه المنهاج الرسالي من أسس ومفاهيم ومبادئ وقيم وتعليمات، وبالتالي العمل على قولبتها وتحويرها بالشكل الذي يفرغها من الداخل، ويمنحها القابلية لحمل أفكار ومفاهيم وثقافات وقيم ومبادئ ونظريات أخرى غريبة عن الأصل، ومجانبة ومعادية له شكلاً ومضموناً، وهم موجودون في كل مكان، وفي كل عصر، منخرطون في كيان كل حركة رسالية، ومتلطون تحت رداء كل ثورة. ألسنتهم تنطق بآيات الله، لكن بعد تسخيرها وتطويعها لخدمة أعدائه.
ولعل أهم ما يمكن من خلاله أن نعرفهم به من الصفات هي:
1 - انقلابهم غير المعلن على القرآن، وذلك من خلال ابتعاثهم لسير شخصيات ليست بذات النقاء والفاعلية والدور الذي عرف به قرناء القرآن، وترميزها والشد إليها كبديل عنهم وعن كتاب الله، وبالتالي؛ تفقد الحركة الرسالية كل المقومات التي تجعل منها الإطار الكبير الذي يستطيع استيعاب كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم، وتحولها إلى مجرد حركات صدامية طائفية منغلقة على ذاتها، تقدس تراثها الفقهي ورموزها أكثر من تقديسها لله عز وجل.
2 - العمل على منع المستضعفين والأحرار في العالم من التقارب واللقاء على كلمةٍ سواء في مواجهة المستكبرين الظالمين أعداء الله والإنسان، وذلك من خلال تقديمهم لبرامج ومؤلفات مشبعة بالحقد والدونية والعداء للآخر المستضعف، واعتبار كل أهل الكتاب امتداداً طبيعياً للاستكبار والصهيونية، وهي عدوى إخونجية أصيب بها بعض المحسوبين علينا، أو قل: أصاب بها إخوان الظل بعض وسائل إعلامنا للأسف الشديد.
* نقلا عن : لا ميديا